قد اجتمع ههنا شيئان متنافيان فلا يمكن الجمع بينهما وحق الدليل سابق وجب تقديمه، وإذا كان المشرك ممتنعا وهو أسير فجعل له جعل على أن يدل على المشركين فدل عليهم وجب الوفاء بما ضمن له، ولو جعل له جعل على أن يدل على مائة فدل على خمسين أو عشرة فدل على خمسة كان النصف مما جعل له، فإن كان أسيرا فجعل له أسيرا يقتل لم يقتل لأن القتل لا يتبعض، فإن لم يؤخذ في الموضوع الذي دل عليه أحد لم يكن له من الجعل شئ.
وإذا ضل مسلم عن الطريق ومعه أسير من المشركين فجعل له الأمان إن دله على الطريق فلما دله عليها ولاح له الجيش خاف المسلم من أن لا يطلقه صاحب الجيش كان عليه إطلاقه قبل وصوله إلى الجيش، فإن أدركه المسلمون قبل إطلاقه كان على صاحب الجيش إطلاقه له، فإن اتهمه في ذلك استحلفه عليه ثم أطلقه، وإن لم يفعل صاحب الجيش ذلك على المسلم أن يأخذه في سهمه ثم يطلقه بعد ذلك.
وإذا دخل انسان من المشركين إلى دار الاسلام آمنا ثم أراد الرجوع إلى دار الحرب لم يمكن له أن يخرج بشئ من السلاح وما جرى مجراها مما يستعان به على قتال المسلمين إلا أن يكون دخل ومعه شئ فيجوز تمكينه من ذلك دون ما سواه، فإذا دخل مسلم دار الحرب بأمان ثم أخذ منهم مالا قرضا أو سرقة ثم عاد إلينا ودخل صاحب المال إلينا بأمان كان على المسلم رد ماله إليه لأن الأمان يقتضي الكف عن ماله.
وإذا دخلت المرأة إلى دار الاسلام مستأمنة وكان لها زوج مشرك انقطعت العصمة بينهما ولم يحتج في ذلك إلى طلاق بل يكون ذلك فسخا للنكاح وليس لها أن تتزوج حتى تنقضي عدتها، وإذا خرجت من دار الحرب حاملا وتزوجت كان النكاح مفسوخا.
وإذا تزوج الحربي حربية لها زوج ثم أسلما وخرجا من دار الحرب لم تحل له إلا بنكاح جديد، وإذا تزوج الحربي حربية ودخل بها ثم ماتت وأسلم زوجها في دار الاسلام وجاء وارثها طالبا لزوجها بمهرها لم يجب عليه دفع ذلك إليه لأن الوارث من أهل الحرب ولا أمان له على هذا الوجه، فإن كان لها ورثة مسلمون كان لهم مطالبة