وإذا دخل المشرك دار الاسلام بأمان ثم خرج إلى دار الشرك بغير أمر الإمام ولا من نصبه الإمام ولا في حاجة ولا في تجارة بل للاستيطان فقط انتقض الأمان على نفسه ولم ينتقض عن ماله إذا كان قد ترك مالا في دار الاسلام والأمان قائم في ماله ما دام حيا، فإن مات انتقل ميراثه إلى ورثته من أهل الحرب إن لم يكن له وارث مسلم يحجبهم عنه وينتقض الأمان في المال لأنه مال كافر ليس بيننا وبينه أمان - لا في نفسه ولا في ماله - ويكون فيئا للإمام خاصة لأنه لم يؤخذ بالسيف فهو مثل ميراث من لا وارث له، وإذا أخذ أمانا لنفسه ودخل دار الاسلام ثم مات وترك بها مالا وكان له وارث في دار الحرب فالحكم فيه كالحكم في المسألة المتقدمة، وقد ذكر: أنه يرد إلى ورثته الكفار، وهذا فاسد لأنه حينئذ مال من لا أمان بيننا وبينه لا في نفسه ولا في ماله.
وإذا أعطى المسلمون الأمان لرجل من المشركين في حصن وفتح الحصن ولم يعرف الرجل المذكور بعينه نظر في ذلك، فإن كان الجيش الذي فتح الحصن غزوا بغير إذن الإمام ع ولا من نصبه كان عليهم أن يكفوا عن قتل من في الحصن حتى يخبرهم أميرهم إما أن يقرع بينهم فمن خرج اسمه كان آمنا أو يجري على الناس الحكم، فأما أن يؤمن الجميع على نفوسهم ويصيروا ذمة ويستسعي كل واحد منهم في قيمته إلا قدر واحد معهم من جملتهم قيمة وسطا، والقرعة أولى.
وإذا حضر المسلمون المشركين فائتمن واحد من المشركين لجماعة معينين كان الأمان صحيحا فيهم دون غيرهم ولو استأمن لعدد غير معين كان ذلك جائزا في هذا العدد دون غيرهم مما زاد عليه، فإن قال: أعطوني الأمان لألف رجل أو مائة رجل وافعلوا في الباقي ما أردتم، كان ذلك جائزا ويختار من أراد منهم الألف والمائة. فإن قال: آمنوا جميع أهل الحصن ولكم منهم ألف أو مائة صح ذلك وتدفع الألف والمائة من رقيقهم أو من أحرارهم.
فإن كان الجيش غزا بغير إذن الإمام أو من نصبه كان للإمام أو من نصبه أن يفعل مع أهل الحصن ما اختار من الوجهين المذكورين.
وإذا انهزم المشركون وادعى بعد ذلك واحد من المسلمين أنه كان آمن بعضهم لا