وما أشبه ذلك فلا يجب الجهاد عليه لقوله سبحانه: ولا على المريض... وإن كان خفيفا كالحمى التي ليست لازمة ولا مطبقة بل يكون بالنوبة في وقت دون وقت أو وجع الرأس والصداع وما أشبه ذلك فذلك لازم له لأنه كالصحيح، فأما الحمى الثانية فإنما يسقط وجوب ذلك عليه في حال النوبة إن كان فيها غير قادر ولا يتمكن من القيام بالحرب فإن لم يكن كذلك فحاله كحال الصحيح السليم كما قدمنا.
فأما العذر فإن كان مرضا أو غيره مما قدمنا ذكره فقد مر ما فيه وإن كان غير ذلك مثل أن يكون معسرا فينبغي تأمل حاله، فإن كان الجهاد وموضع الحرب قريبا من البلد الذي هو فيه وحوله فالجهاد واجب عليه ولا معتبر في سقوط ذلك عنه باعتباره وإن كان موضع ذلك بعيدا فينبغي النظر في حال هذه المسافة، فإن كانت مما لا توجب قصر الصلاة فالجهاد واجب عليه وإن كانت توجب القصر لم يجب عليه جهاده لأن من شرط ذلك الزاد ونفقة الطريق ونفقة من تجب عليه نفقته إلى حين رجوعه وثمن سلاحه، فإن لم يجد ذلك لم يجب الجهاد عليه لقوله سبحانه وتعالى: ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج. فإن كانت المسافة أكثر من ذلك فليس يجب الجهاد عليه أيضا لأنه يحتاج في ذلك إلى ما ليس بقادر عليه من زيادة على ما ذكرناه من النفقة والراحلة من الواجد لقوله سبحانه: ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه.
ومن كان له أبوان مسلمان وهما مفتقران إليه في القيام بهما أو النفقة عليهما فليس يلزمه الخروج، وإن كان أبواه كافرين كان الخروج واجبا عليه.
وإن كان من يجب عليه الجهاد وعليه دين حال ولم يكن له من يوفيه عنه ولا يمكنه قضاؤه فلصاحب الدين منعه من الخروج حتى يقضيه دينه، فإن كان في يد صاحب الحق رهن فيه وفاء بالدين فأذن له صاحب الحق بالخروج خرج. فإن كان الدين مؤجلا وعليه رهن أو لم يكن عليه رهن وكان إذا خرج ترك وفاءه فإن له الخروج أذن له صاحب الحق أو لم يأذن فيه، فإن لم يترك وفاءه فقد ذكر: أن له الخروج على كل حال وليس لصاحب الدين المؤجل منعه من ذلك لأنه بالتأجيل بمنزلة من لا دين عليه.