ما يأخذونه من " الولاة الظلمة ": كأن يأخذوا من المتخاصمين مثلا، فيكون ذلك من " السحت " كأجور الفواحش وثمن الخمر..
وأجاب المجوزون كالسيد " قده " - بأن الظاهر أنها ناظرة إلى الأجور التي كان القضاة يأخذونها من " الولاة الظلمة "، فأجورهم إن كانت مما أصيب من أولئك فهي سحت لا مطلقا، من جهة أن الظاهر كون الضمير في " ومنها " راجعا إلى " ما " في " ما أصيب " فتكون الحرمة من هذا الحيث.
أقول: والظاهر أنه إن كان هذا الضمير راجعا إلى ما ذكر لجاء بلفظ المذكر لا المؤنث، فما ذكره خلاف الظاهر، ومجرد عدم تكرار " منها " لكل واحد من الأنواع لا يكون دليلا على ما ذكر. وبالجملة:
إن " أجور القضاة " قسيم ل " ما أصيب من أعمال الولاة الظلمة "، فظهورها في الدلالة على حرمة أخذ الأجرة على القضاء تام.
نعم لا تدل على حرمة الارتزاق من بيت المال لا بعنوان الأجر، ولا سيما مع الحاجة والضرورة، فإن ذلك لا مانع منه، ويكون القاضي حينئذ كسائر العمال، لكن لا بمعنى كون ذلك في مقابل العمل " القضاء " بل يكون نظير تحصيل الطلاب للعلوم الدينية قربة إلى الله تعالى مع أن الحاكم الشرعي يرزقهم من بيت المال، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم الغنائم على من اشترك في الحروب والغزوات ويعطي كلا حسب جهده ومقامه. لكن لا بعنوان العوض 1).