أقول: يكفي في ثبوت النسب - كما لو شك في كون زيد هاشميا مثلا - شياع ذلك في بلده حيث لا طريق آخر إلى اثباته، وكذا الأمر في الوقف، فلو شاع أن القرية الفلانية موقوفة للجهة الكذائية كفى ذلك في ثبوت الوقف حيث لا طريق مفيدا للعلم بذلك، وكذا الموت، فإنه قد يشهد بذلك شاهدان عادلان أو يحصل العلم الوجداني بالموت، وأما مع عدمهما كالموت في السفر - مثلا - فلا فلا طريق إلى الثبوت إلا الشياع، فتقسم الأموال وتترتب الآثار..
وكذا الأمر في الملك المطلق، فإنه لا طريق إلى اثباته إلا بالأخذ بالشياع، لأن تواطئ الناس على ذلك محال عادة، وكذا النكاح والعتق.
والدليل على كفاية الاستفاضة في ثبوت هذه الأمور هو السيرة، - كما أنها الدليل المعتمد عليه في حجية خبر الواحد - فإن أهل العرف يرتبون الأثر في مثل هذه الأمور على الاستفاضة فيها لأنها مفيدة للوثوق النوعي عندهم.
أقول: ونفس إقامة الدليل على الاعتماد على الاستفاضة دليل على أنهم لا يريدون من الاستفاضة ما يفيد العلم أو الاطمينان المتاخم له، وإلا فنفس حصول العلم أو الاطمينان دليل.
وفي المسالك: الاستفاضة المفيدة للعلم دليل حجيتها هو العلم، والمفيدة للظن دليل حجيتها السيرة، ولكن السيرة لا تتحقق إلا في موارد مخصوصة ومنها الولاية على القضاء، لأنه لولا الاستناد إليها يلزم العسر والحرج لعدم امكان إقامة البينة