ثم إنه تعارض هذه الأخبار صحيحة وهب بن عبد ربه عن الصادق عليه السلام في الجنابة تصيب الثوب ولا يعلم به صاحبه فيصلي فيه ثم يعلم بعد قال: يعيد إذا لم يكن علم (1).
ورواية أبي بصير عنه عليه السلام قال: سألته عن رجل صلى وفي ثوبه بول أو جنابة فقال: علم به أو لم يعلم فعليه إعادة الصلاة إذا علم (2).
ولكن الروايتين لا تكافئان الأخبار الصحيحة الصريحة المعمول بها عند جل الأصحاب لولا كلهم بخلاف هاتين الروايتين اللتين لم يعمل بهما إلا الشاذ منهم.
وهل يكون فرق بين ما إذا علم بالنجاسة بعد الصلاة وبين ما إذا علم بها في أثناء الصلاة وجهان ظاهر كثير من الفقهاء بل الأكثر هو الفرق وأنه إذا علم بها في الأثناء حكموا ببطلان صلاته والدليل الفارق بينهما هو صحيحة زرارة الطويلة حيث قال منها: قلت له: إن رأيته (أي الدم) في ثوبي وأنا في الصلاة قال: تنقص وتعيد إذا شككت في موضع منه ثم رأيته وإن لم تشك ثم رأيته رطبا قطعت الصلاة وغسلته ثم بنيت على الصلاة لأنك لا تدري لعله شئ أوقع عليك فليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشك (3) حيث أن قوله (عليه السلام): إذا شككت في موضع منه ثم رأيته يظهر منه أنه كان شاكا من أول الصلاة في وقوع الدم عليه وبعد ما رآه يعلم أنه كان قبل الصلاة وأما إذا لم يكن شاكا ثم رآه في أثناء الصلاة رطبا لا يعلم بأنه كان من أول الصلاة موجودا لأنه يحتمل بأنه وقع عليه في هذا الآن الذي يراه فلذا قال (عليه السلام): لأنك لا تدري لعله شئ أوقع عليك فيظهر منه أنه إذا علم بأنه كان من أول الصلاة لا بد له من نقض الصلاة وإعادتها كما صرح عليه السلام بذلك