والمذي فإن الأخبار تقتضي وجوب الوضوء والاستصحاب يقتضي عدمه.
وبما أن دلالة أدلة الاستصحاب بالعموم ودلالة الأخبار بالاطلاق فيتقدم الاستصحاب على الأخبار في مورد المعارضة لاشتماله على قوله ولا ينقض اليقين بالشك أبدا. وعليه لا يجب عليه الوضوء في مفروض المسألة.
وأما الأخبار الواردة في الاستبراء بالخرطات وأن من بال واستبرأ فلا يبالي بما خرج منه بعد ذلك من الرطوبات المشتبهة فقد يقال أنها أجنبية عن المقام بالمرة لأن موضوعها من بال واستبرأ بالخرطات وموضوع الأخبار الآمرة بالوضوء من الجنب واغتسل ثم خرجت منه رطوبة مشتبهة فهما موضوعان متغايران إلا أنه يندفع بأن اطلاق روايات الاستبراء يشمل صورة سبق الاغتسال أيضا كما إذا أجنب ثم بال ثم اغتسل ثم خرجت رطوبة لأنها غير مقيدة بما إذا لم يغتسل بعد البول وعليه فهما متعارضان والنسبة بينهما أيضا عموم من وجه لأن أخبار الاستبراء مقيدة بما إذا استبرء بالخرطات سواء أكان معه الغسل أم لم يكن وأخبار المقام مقيدة بالغسل سواء أكان استبرأ بالخرطات أم لم يستبرء.
فيتعارضان فيما إذا أجنب ثم بال واغتسل مع الاستبراء بالخرطات فإن الأخبار الواردة في المقام تقتضي وجوب الوضوء حينئذ لدلالتها على أن الرطوبة المشتبهة ليس من المني لأن البول لم يدع شيئا وتلك الأخبار تنفي وجوب الوضوء لدلالتها على أنها ليست ببول لأنه قد استبرأ بالخرطات فيتعارضان ويتساقطان ويبقى الاستصحاب سليما عن المعارض وهو يقتضي عدم وجوب الوضوء كما مر.
واحتمال أن الاستصحاب بنفسه مورد المعارضة مع الأخبار الواردة في المقام مندفع بما مر من أنه لا يشمل موارد العلم الاجمالي التي تشملها