والقائل صاحب مفتاح الكرامة (1) وفي الجواهر (2) قال في مقام عدم المنافاة إن المنافاة واضح المنع ضرورة كون الإجارة مؤكدة له باعتبار تسبيبها الوجوب أيضا، وسبقهما إلى ذلك السيد في الرياض في المستحبات قال في مقام بيان عدم المنافاة إن غايتها هنا عدم ترتب الثواب لا حرمته مع امكان ترتبه حينئذ أيضا فإنها بعده تصير واجبة وتصير من قبيل ما وجبت بنذر وشبهه، ولا ريب في استحقاق الثواب حينئذ ووجهه أن أخذ الأجرة حينئذ صار سببا لوجوبها عليه ومعه يتحقق الاخلاص في العمل لكونه حينئذ لمجرد الإطاعة والامتثال لله تعالى وإن صارت الأجرة منشأ لوجه الأمر الإيجابي إليه " انتهى ".
والعجب منه رحمه الله حيث صرح قبل ذلك بأسطر بأن أخذ الأجر في الواجبات مناف للاخلاص نعم بين كلامه وكلامهما فرق يتضح عن قريب.
أقول إن مراد الأولين من تأكد الاخلاص وتضاعف الوجوب في كلام الثاني يحتمل أحد الأمور.
أما أن الأمر في العبادي متعلق بذات العبادة والأمر الإجاري أيضا كذلك لأن قوله أوفوا بالعقود بمنزلة قوله: صل وصم، واعمل كذا وكذا. فالأمر الإجاري يؤكد الأمر العبادي بل الأمر إذا تعلق بموضوع عبادي يصير عباديا إذ ليست العبادية من كيفيات الأمر بل هي من قيود المأمور به، فإذا تعلق بموضوع كذلك يصير عباديا قهرا، ولما كان الموضوع واحدا يؤكد أحد الأمرين الآخر، ولما كانا عباديا يؤكد الاخلاص.
وأما أن المراد بتضاعف الوجوب وتأكد الاخلاص أن تعلق الأمر الإجاري يوجب امكان قصد الاخلاص به فإنه وإن كان توصليا لكن مع قصد التقرب يصير عباديا بالمعنى الأعم فالمكلف قبل تعلق الأمر الأجاري لا طريق له للاخلاص إلا قصد الأمر