تشكيكا مع أنه اتفقت آراء الحكماء عليه فان الشئ إذا تغير فذلك التغير اما ان يكون لحصول شئ فيه أو لزوال شئ عنه فإنه ان لم يحدث فيه شئ مما كان معدوما ولم يزل عنه شئ مما كان موجودا وجب ان يكون حاله في ذلك الان كحاله قبل ذلك فلم يوجد فيه تغير وقد فرض ذلك هذا خلف فاذن الشئ إذا تغير فلا بد هناك من حدوث شئ فيه أو زوال شئ عنه فلنفرض انه حدث فيه شئ فذلك الشئ قد كان معدوما ثم وجد وكل ما كان كذلك فلوجوده ابتداء وذلك الابتداء غير منقسم والا لكان أحد جزئيه هو الابتداء لا هو فذلك الذي حدث اما ان يكون في ابتداء وجوده موجودا أو لا يكون فإن لم يكن فهو بعد في عدم لا في ابتداء وجوده وان حصل له وجود فلا يخلو اما ان يكون قد بقي منه شئ بالقوة أو لم يبق فإن لم يبق فالشئ قد حصل بتمامه في أول حدوثه فهو حاصل دفعه لا يسيرا يسيرا وان بقي منه شئ بالقوة فذلك الشئ الذي بقي اما ان يكون عين الذي وجد وهو محال لاستحالة ان يكون شئ واحد موجودا ومعدوما دفعه واحده واما ان يكون غيره فحينئذ الذي حصل أولا فقد حصل بتمامه والذي لم يحصل فهو بتمامه معدوم وليس هناك شئ واحد له حصول على التدريج بل هناك أمور متتالية فالحاصل ان الشئ الأحدي الذات يمتنع ان يكون له حصول الا دفعه بل الشئ الذي له اجزاء كثيره أمكن ان يقال إن حصوله على التدريج على معنى ان كل واحد من تلك الافراد انما يحصل في حين بعد حين واما على التحقيق فكل ما حدث فقد حدث بتمامه دفعه وما لم يحدث فهو بتمامه معدوم فهذا ما عندي في هذا الموضع هذا كلامه.
وأقول ان بهمنيار ذكر هذه الشبهة ناقلا إياها عمن سبقه من الأقدمين وأبطلها بأنها انما تنفى وجود حركه بمعنى القطع وهي غير موجودة في الأعيان والموجود من حركه انما هو التوسط المذكور وهو ليس الا أمرا سيالا لا يكون مقتضيا ولاحقا وجمهور المتأخرين سلكوا هذا المنهج زاعمين انه منهج الحكمة الا مولانا وسيدنا الأستاذ دام ظله العالي حيث أفاد ان النافين للحركة بمعنى القطع قائلون بان التوسط المذكور يرسم في الوهم أمرا حادثا تدريجيا على نعت الاتصال