إلى أن اثر الجاعل نفس ماهية الامر المجعول لا وجوده وكذا المؤثر هو ماهية الجاعل لا وجوده يلزمه ان يثبت قسما آخر من التقدم هو التقدم بالماهية وكذا من جعل ماهية الممكن مقدما على وجوده لا باعتبار نحو من الوجود بل باعتبار نفس الماهية.
واما التقدمان اللذان أشرنا إليهما فأحدهما هو التقدم بالحقيقة كتقدم الوجود على الماهية الموجودة به فان الوجود هو الأصل عندنا في الموجودية والتحقق و الماهية موجودة به بالعرض وبالقصد الثاني وكذا الحال بين كل شيئين اتصفا بشئ كالحركة أو الوضع أو الكم وكان أحدهما متصفا به بالذات والاخر بالعرض فلأحدهما تقدم على الاخر وهذا ضرب آخر من التقدم غير ما بالشرف لان المتأخر بالشرف والفضل لا بد وان يوجد فيه شئ من ذلك الفضل وغير ما بالطبع والعلية أيضا لان المتأخر في كل منهما يتصف بشئ مما يوصف به المتقدم عليه بخلاف هذا المتأخر وظاهر انه غير ما بالزمان وما بالرتبة.
فان قلت لا بد ان يكون ملاك التقدم والتأخر في كل قسم من أقسامهما موجودا في كل واحد من المتقدم والمتأخر فما الذي هو ملاك التقدم فيما ذكرته.
قلت مطلق الثبوت والكون سواء كان بالحقيقة أو بالمجاز.
وثانيهما هو التقدم بالحق والتأخر به وهذا ضرب غامض من اقسام التقدم والتأخر لا يعرفه الا العارفون الراسخون فان للحق تعالى عندهم مقامات في الإلهية كما (1) ان له شؤونا ذاتية أيضا لا ينثلم بها أحديته الخاصة وبالجملة وجود كل علة موجبه يتقدم على وجود معلولها الذاتي هذا النحو من التقدم إذ الحكماء عرفوا العلة الفاعلة بما يؤثر في شئ مغاير للفاعل فتقدم ذات الفاعل على ذات المعلول تقدم