الشئ لا يكون محتاجا إلى السبب فإذا ثبت ان هذه الحاجة اما للامكان أو للحدوث وقد بطل أحدهما وهو الحدوث بقي الاخر وهو كون الامكان محوجا لا غير أقول الحق ان منشأ الحاجة إلى السبب لا هذا ولا ذاك بل منشاها كون وجود الشئ تعلقيا متقوما بغيره مرتبطا إليه وقولهم ان امكان الماهية من المراتب السابقة على وجودها وإن كان صحيحا الا ان الوجود متقدم على الماهية تقدم الفعل على القوة والصورة على المادة إذ ما لم يكن وجود لم يتحقق ماهية أصلا والوجود أيضا كما مر عين التشخص والشئ ما لم يتشخص لم يوجد والامكان متأخر عن الماهية لكونه صفتها فكيف يكون علة الشئ وهي الامكان فرضا بعد ذلك الشئ أعني الوجود نفسه والذي ذكروه من قولهم أمكن فاحتاج فوجد صحيح إذا كان المنظور إليه هو حال ماهية الشئ عند تجردها عن الوجود بضرب من تعمل العقل ونحن لا ننكر ان يكون امكان الماهية علة لحاجته إلى المؤثر لما مر ان امكانها قبل وجودها أي اتصافها بالوجود (1) لان هذا الاتصاف أيضا في الذهن وإن كان بحسب الوجود الخارجي كما سبق واما ان الحدوث منشأ الحاجة إلى العلة بالعرض (2) فلان كل حادث كما ذكروه يسبقه امكان الوجود وهذا الامكان صفة وجودية ليس مجرد اعتبار عقلي فقط (3) بل يتفاوت شده وضعفا قربا وبعدا والقريب استعداد
(٢٥٣)