فللنمو وقوف يقابله وللاستحالة سكون يقابله وللنقلة عدم يقابلها وكما أن السكون المقابل للنمو ليس هو الكم المستمر بل عدم تغيره ولا المقابل للاستحالة هو الكيف المستمر بل عدم ذلك التغير فكذا السكون المقابل للحركة الأينية ولغيرها وليس هذا ببحث لفظي كما زعمه بعض الفضلاء ثم زعم بعضهم ان المقابل للحركة هو السكون في مبدء حركه لا في نهايتها وقيل المقابل لها هو الذي وقع في الانتهاء ولكل من القائلين حجج على صحه رأيه والحق ان السكون في المكان مقابل للحركة منه وللحركة إليه جميعا فان السكون ليس عدم حركه خاصه والا لكان كل حركه سكونا في غير تلك الجهة بل هو عدم كل حركه ممكنة في ذلك الجنس ثم لو أوجبنا ان يكون المقابل للحركة الطبيعية سكون طبيعي كان المقابل للحركة الطبيعة إلى فوق هو سكون إلى فوق لان ذلك هو الطبيعي لا الذي في جهة التحت والمقابل للحركة التي إلى أسفل هو السكون في أسفل لما علمت فحينئذ المقابل للحركة هو السكون في المنتهى.
واما كيفية خلو الجسم عن حركه والسكون جميعا فذلك في ثلاثة أمور.
الأول في الجسم الذي يمتنع خروجه عن حيزه الطبيعي مثل كليات الأفلاك والعناصر فهي غير متحركة عن مكانها ولا ساكنه أيضا لان السكون عدم حركه عما من شانه ان يتحرك فإذا لم يكن من شانها حركه لم تكن ساكنه بل هي ثابته في أحيازها لا ساكنه ولا متحركة.
والثاني كل جسم إذا لم يماسه محيط واحد أكثر من آن واحد مثل السمك في ماء سيال أو الطير في هواء متحرك فذلك الجسم غير متحرك لعدم تبدل أوضاعه بالنسبة إلى الأمور الخارجة عنه ولا ساكن أيضا لأنه غير ثابت في مكان واحد زمانا والسكون لا ينفك من ذلك.
الثالث كل آن من آنات زمان حركه كابتدائها وانتهائها ليس الجسم فيه ساكنا ولا متحركا لان حركه منقسمة فيمتنع وقوعها في الان فإذا استحال اتصاف الجسم بالحركة في الان لم يكن ساكنا فيه.