شرك بالله تعالى (1).
وربما يمكن دعوى: أن التوصليات لا يتصور فيها الشرك بالله تعالى.
وفيه: أن حقيقة الرياء، لا تتصور إلا بأن يرائي الناس بأنه يعبد الله تعالى، أو يطيعه ويمتثل أوامره، وحينئذ وإن لم يكن لحاظ وجه الله شرطا في أداء الدين ورد السلام، ولكنه لا يتمكن من الرياء إلا بإدخال وجه الله في عمله، حتى يستثمر من قصده، ويصل إلى مرامه وغرضه.
وإن شئت قلت: حقيقة الرياء ذلك، إلا أنها لا تتقوم بلحاظ وجه الله في عمله، فإنه لو أمر المولى عبده - وهو يطيعه - لإراءة الناس بأنه عبد مطيع لمولاه، وهكذا الابن والزوجة، فإنه مراء، ولكنه ليس محرما، لأن الظاهر من أدلته، هو الرياء الذي لاحظ فيه الله تعالى، ضرورة أنه بذلك يعد شركا، والعبد والابن ليسا مشركين بالمعنى المقصود منه في أدلة حرمة الشرك.
وبالجملة: حقيقة الرياء أعم من المحرم منه، لظهور أدلته في حرمته حينما كان شركا، وذلك يخص بما إذا لاحظ وجه الله.
ويمكن دعوى: أن المراد من الشرك ليس الشرك في العبادة فقط والطاعة، بل هو الشرك في التأثير ومطلق الشرك، فتكون جميع الأعمال الراجعة إلى توهم تأثير الغير في مقاصده شركا، وإراءة ذلك في الظاهر - لكسب الاعتبار وغيره - رياء.
وقد ورد في الحديث: إن أدنى الشرك أن تحفظ الشئ في القرطاس