فما هو المراد - يا ترى - بالبيت الذي جاء بصيغة المفرد؟
فعندئذ يجب على المفسر المحقق المجرد من كل عقيدة مسبقة تبيين هذا البيت وتعيينه، فهذا البيت ليس من بيوت نسائه، ولا بيوت نفس النبي بشهادة ما مضى من أن القرآن عندما يتحدث عن أزواج النبي ونفس النبي إنما يتحدث عن بيوت لهن لا عن البيت الواحد. فلا محيص عن تفسيره ببيت واحد معهود فأي بيت ذاك؟ فعلى الأستاذ تعيينه.
هذا إذا كان المراد من البيت هو البيت المحسوس، أي البيت المادي وهناك احتمال آخر وهو أن يكون المراد منه هو مركز الشرف ومجمع السيادة و العز، وإن شئت قلت إذا أريد منه بيت النبوة وبيت الوحي ومركز أنوارهما فلا يصح أن يراد منه إلا المنتمون إلى النبوة والوحي بوشائج روحية خاصة على وجه يصح مع ملاحظتها، عدهم أهلا لذلك البيت، وتلك الوشائج عبارة عن النزاهة في الروح والفكر.
ولا يشمل كل من يرتبط ببيت النبوة عن طريق السبب أو النسب فحسب، و في الوقت نفسه يفتقد الأواصر الروحية الخاصة، ولقد تفطن العلامة الزمخشري صاحب التفسير لهذه النكتة، فهو يقول في تفسير قوله تعالى: * (أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت) * (1):
لأنها كانت في بيت الآيات ومهبط المعجزات والأمور الخارقة للعادات فكان عليها أن تتوقر ولا يزدهيها ما يزدهي سائر النساء الناشئات في غير بيوت النبوة، وأن تسبح الله وتمجده مكان التعجب، وإلى ذلك أشارت الملائكة في قولها: * (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت...) * أرادوا أن هذه وأمثالها مما