هذا هو الذي يتبناه الغرب، فالمرأة لا بد لها أن تشارك الرجل في ميادين الحرب والقتال والسياسية والزعامة وميادين العمل والاستثمار ولا يترك ميدانا خاصا للمرأة أو الرجل إلا يسوقهما إليه بدعوى المساواة.
ولكن القرآن يتبنى العدالة بين الرجل والمرأة ويخالف المساواة، إذ ربما تكون المساواة ضد العدالة، وربما لا تنسجم مع طبيعتها، ومن يدعي المساواة، فكأنه ينكر الفوارق الموجودة في نفسياتهما وغرائزهما، ويتعامل معهما معاملة إنسان استلبت عنه الغرائز الفطرية ولم يبق فيه رمق إلا القيام بالأعمال المخولة له.
وهذا موضوع هام يحتاج إلى التشريح والتبيين حتى يتضح من خلاله موقف القرآن.
إن التساوي في الإنسانية لا تعني التساوي في جميع الجهات، وفي القدرات والغرائز والنفسيات، حتى يتجلى الجنسان، جنسا واحدا لا يختلفان إلا شكليا، ومن يقول ذلك فإنما يقول في لسانه وينكره عقله ولبه.
لا شك أن بين الجنسين فوارق ذاتية وعرضية، فالأولى نابعة من خلقتها، والثانية تلازم وجودها حسب ظروفها وبيئتها، وبالتالي صارت تلك الفوارق مبدأ للاختلاف في المسؤوليات والأحكام.
جعل الإسلام فطرة المرأة وخلقتها، المقياس الوحيد في تشريعه وتقنينه والتشريع المبني على الفطرة يتماشى معها عبر القرون، وهذا هو سر خلود تشريعه، وأما التشريع الذي لا يأخذ الفطرة بنظر الاعتبار، ويقنن لكل من الأنثى والذكر على حد سواء فربما لا ينسجم مع الفطرة والخلقة ويخلق تعارضا بين القانون ومورده ويورث مضاعفات كثيرة كما نشاهده اليوم في الحضارة الغربية.