الأقاويل، بصرف النظر عن العلاقات العملية التي قد تقوم بين الطائفتين.
وقد عادت الطائفة " الاثنا عشرية " إلى تقاليدها المسالمة وعنايتها بإشاعة العلم والاهتمام بالشؤون الاجتماعية والروحية لأتباعها إلى أن قامت للاثني عشرية دولة في " إيران " لأول مرة في التاريخ على يد الشاه " إسماعيل الصفوي " (906 - 930 ه = 1500 - 1523 م) الذي نزع هو وخلفاؤه إلى التشيع على الرغم من أصولهم السنية الصوفية. وقد استمر حكم " الصوفيين " لإيران قرابة قرنين ونصف قرن إلى سنة (1148 ه (1) = 1735 م)، وكانوا خلال حكمهم في عداء شبه مستمر مع الخلافة العثمانية، ونشبت بينهما الحروب التي أسهمت في انحسار المد الإسلامي عن " أوربا " وتمزق بلدان العالم الإسلامي وتفككها، ثم سقوطها في براثن الاستعمار الغربي، ومما ساعد على ذلك: اتفاق الشاه " إسماعيل الصفوي " مع البرتغاليين ضد دولة الخلافة العثمانية، وسيطرتهم على بعض جزر الخليج كقاعدة موجهة لحرب " الخلافة العثمانية "، ثم قيام الشاه " عباس الصفوي " بعد توليه الحكم عام (996 ه = 1587 م) بالتحالف مع " الإنجليز " لمحاربة دولة الخلافة، كما توقف الحج إلى " مكة " في عهده، وروجت الدولة لزيارة مدينة " مشهد "، وهي مدينة " طوس " القديمة التي دفن بها " الرشيد " وولد فيها " أبو حامد الغزالي " وغيره من أئمة المسلمين، ولكن مكانتها الدينية لدى الاثني عشرية ترجع إلى كونها تضم رفات الإمام الثامن " علي الرضا ". وهو الإمام الوحيد المدفون بإيران، وبسبب ذلك اشتهرت باسمها الحالي.
وهذا التحالف مع الغزاة الأجانب، مع تمادي الخلاف بين الدولتين، قد مهد للاستعمار الغربي فرصة تمزيق العالم الإسلامي واحتلال أراضيه، وكان هذا الصراع المذهبي والسياسي من أهم أسباب هزيمة العثمانيين - والعالم الإسلامي