وفي أواخر عهد الأئمة كان من بين الاثني عشرية رجل بلغ النشاط والحماسة للمذهب، مع نزوع إلى الغلو، اسمه " محمد بن نصير النميري " (270 ه = 883 م) وقد عاصر الأئمة الثلاثة المتأخرين: " علي الهادي " (214 - 254 ه = 829 - 868 م) و " الحسن العسكري " (230 - 260 ه = 844 - 873 م) و " محمد المهدي " الثاني عشر المولود (255 ه = 868 م) والمنتظر ظهوره فيما يعتقدون.
وقد زعم " ابن نصير " هذا أنه " الباب " إلى الإمام " الحسن العسكري "، فتبعه طائفة من الشيعة سموا بالنصيرية، وخالفه جمهورهم الذين أنكروا ادعاءاته، وقالوا بأن المرجعية الدينية بعد موت " العسكري " وغيبة ولده " المهدي " ترجع إلى لجنة من أربعة أشخاص، هم: " عثمان بن سعيد العمري "، و " محمد بن عثمان بن سعيد "، و " الحسين بن روح النوبختي "، و " علي بن محمد السمري ".
ويغلب الغلو على عقائد النصيرية، إذ يؤلهون عليا، ويتركون ظاهر الشرع، ويهملون المساجد وصيام رمضان، ويخالفون بعض الأحكام في النكاح وغيره، ويقولون بثالوث من علي ومحمد وسلمان الفارسي، وأن معنى الألوهية تشخص في علي، ثم محمد، ثم سلمان الفارسي، ثم المقداد.
وتتسم عقيدتهم بالمبالغة في السرية، وهم في هذا كله يقلدون من سبقهم من غلاة الشيعة منذ عبد الله بن سبأ، ومن جاء بعده، وخاصة " الخطابية " أتباع " أبي الخطاب الكاهلي " الذي زعم أنه (الباب) للإمام الخامس (1) " موسى الكاظم "، ثم قال بتأليه الأئمة ونسخ بعض الأحكام الشرعية، والإسراف في التأويل الباطني، فأخذ النصيرية بهذا كله.
ولكن " الاثني عشرية " ينكرون مزاعم " ابن نصير " ويكفرون من اعتقد هذه