الثانية: إن برهان النظم وإن كان يعتمد على مقدمات أربع غير أن الثلاثة الأول مما اتفق فيه جميع العقلاء إلا شذاذ الآفاق من المثاليين المنكرين للحقائق الخارجية. وإنما المهم هو التركيز على توضيح المقدمة الرابعة باستعانة من العلوم الطبيعية والفلكية وغيرها التي تعد روحا وأساسا لتلك المقدمة. وفي هذا المضمار نجد كلمات بديعة لخبراء العلم من المخترعين والمكتشفين: يقول " كلودم هزاوي " مصمم العقل الإلكتروني: طلب مني قبل عدة سنوات القيام بتصميم آلة حاسبة كهربائية، تستطيع أن تحل الفرضيات والمعادلات المعقدة ذات البعدين، واستفدت لهذا الغرض من مئات الأدوات واللوازم الالكترو ميكانيكية، وكان نتايج عملي وسعيي هذا هو " العقل الإلكتروني ".
وبعد سنوات متمادية صرفتها لإنجاز هذا العمل، وتحمل شتى المصاعب وأنا أسعى لصنع جهاز صغير، يصعب علي أن أتقبل هذه الفكرة وهي أن الجهاز هذا، يمكن أن يوجد من تلقاء نفسه دون حاجة إلى مصمم.
إن عالمنا مملوء بالأجهزة المستقلة لذاتها والمتعلقة بغيرها في الوقت ذاته، وتعتبر كل واحدة منها أعقد بكثير من العقل الإلكتروني الذي صنعته، وإذا استلزم أن يكون للعقل الإلكتروني هذا مصمم فكيف يمكننا إذن أن ننفي هذا القول بالنسبة إلى أجسامنا بما فيها من خواص حياتية وأعمال فيزيائية وتفاعلات كيميائية، فلا بد من وجود مصمم حكيم خالق لهذا الكون والذي أنا جزء حقير منه. (1) والعجب من الفرضية التي يعتمد عليها الماديون خلفا عن سلف،