الأولى عند انفجارها كانت تستطيع أن تظهر بما لا يحصى من الصور المختلفة التي لا تستقر فيها الحياة إلا بصورة خاصة أو بحالة واحدة، فعندئذ يتساءل كيف تفجرت المادة الأولى بلا دخالة شعور وعقل واسع إلى هذه الصورة الخاصة التي تمكن الحياة من الاستقرار.
فلنأخذ من جميع الظواهر الحيوية حشرة صغيرة بما تحويه من ملايين العناصر المختلفة وقد ركبت بنسبها المعينة الخاصة. فبوسع المادة الأولى أن تظهر بأشكال مختلفة غير صالحة لحياة الحشرة، وإنما الصالحة لها واحدة منها. وعندئذ يتساءل، كيف استطاعت المادة ه الأولى عن طريق " الصدفة "، من بين الصور الكثيرة، الخضوع لصورة واحدة صالحة لحياتها؟!
وهذا البرهان هو البرهان المعروف في العلوم الرياضية بحساب الاحتمالات، وعلى توضيحه نأتي بمثال:
نفترض أن شخصا بصيرا جالسا وراء آلة طابعة ويحاول بالضغط على الأزرار، وعددها مائة بما فيها الحروف الصغيرة والكبيرة، أن يحرر قصيدة لشاعر معروف كقصيدة لبيد التي يقول فيها:
ألا كل شئ ما سوى الله باطل * وكل نعيم لا محالة زائل فاحتمال أن الضربة الأولى أصابت صدفة الحرف الأول من هذه القصيدة (أ)، والضربة الثانية أصابت كذلك الحرف الثاني منها (لا)، والضربة الثالثة أصابت صدفة الحرف الثالث منها (ك)، وهلم جرا... هو احتمال في مقابل احتمالات كثيرة لا يمكن بيانها بالأرقام الرياضية المقروءة.
وإن أردت تحصيل ذلك الرقم الرياضي فعليك أن تضرب عدد حروف الآلة الطابعة في نفسها بقدر عدد حروف القصيدة المراد تحريرها، فلو كانت حروف الآلة الطابعة مائة، وعدد حروف البيت من القصيدة (38) فسوف يكون عدد الاحتمالات واحد أمامه (76) من الأصفار.