يكون مسبوقا بالعدم ويطرأ عليه الوجود من قبل علته، ويقابله واجب الوجود وهو ما يكون وجوده نابعا من ذاته، وواجبا بذاته، يمتنع عليه تطرق العدم ولا يلابسه أبدا. ومثل ذلك لا يسبق وجوده العدم، فيكون قديما أزليا. كما يمتنع أن يطرأ عليه العدم، فيكون أبديا باقيا.
وباختصار، ضرورة الوجود وحتميته طاردة للعدم أزلا وأبدا وإلا لا يكون واجب الوجود بل ممكنه، وهو خلف الفرض.
وأما برهان هذه الصفات الأربع التابعة لوجوب وجوده فقد مضى بيانه عند البحث عن لزوم انتهاء الموجودات الإمكانية إلى واجب ضروري قائم بنفسه وبذاته، وإلا يمتنع ظهور الموجودات الإمكانية وتحققها.
وأما عد الأزلي والأبدي والقديم والباقي من أسمائه سبحانه، فعلى القول بأن أسماءه سبحانه توقيفية، لا يصح تسميته تعالى إلا بما ورد في الكتاب والسنة. والذي ورد منها في الروايات المروية عن الرسول الكريم والأئمة (عليهم السلام) هو الأخيران أعني " القديم " و " الباقي "، دون الأولين، كما سيوافيك في آخر الفصل عند التعرض لأسمائه تعالى في الكتاب والسنة.
إلى هنا تم البحث عن الصفات الثبوتية الذاتية وهي لا تنحصر في الثمانية التي تعرضنا لها، فكل كمال يعد كمالا مطلقا فهو تعالى متصف به، كما أن كل نقص فهو منزه عنه. وكل أسمائه التي وردت في الكتاب والسنة تشير إلى كماله تعالى وتدفع الحاجة والنقص عن ساحة قدسه، فلو أردنا توصيفه سبحانه بوصف واحد جمعي، فهو الكمال المطلق أو الغنى المحض. وإذا أردنا تفسير ذلك الكمال والوصف الواحد الجامع لجميع الصفات، فيكفي جعل الصفات الثمان الثبوتية التي بحثنا عنها شرحا له.
ومن هنا يجعل الاسم الواحد من أسمائه سبحانه وهو " الله " رمزا للذات المستجمعة لجميع الصفات الكمالية.
هذا كله حول صفاته الثبوتية الذاتية، ويقع البحث في الباب الثاني