ثم أفاض زبدة ما استنهل من معين كتاب الله وسنة نبيه وعترته الهادية، وقواعد الفلسفة والحكمة المتعالية، فتلقيت ذلك بفضل الله سبحانه ومنه علي بملء وعيي وبذلت في ضبط مطالبه وسعي، حتى خرج بين يديك سفرا كالزهرة في السماء نورا، وجدي في السناء علوا. كتاب جامع لأس المطالب العقائدية وفروعها، يحل المعضلات، ويدفع الشبهات، عميق الفكرة، رصين العبارة وواضحها، دقيق التبويب والتحديد.
ولم يكن لي في هذه الكلمة بعد أن أتحف أستاذنا المجلل الكتاب بتصديره إلا الالفات الإجمالي إلى مواضيع الكتاب وما يرتبط بها، فأقول:
قد درجت العادة في كتب الكلام عند العدلية تقسيم أصول العقائد إلى أصول خمسة: التوحيد، والعدل، والنبوة، والإمامة، والمعاد. وأساس هذا التقسيم ناظر إلى العناوين الواقعة محل النزاع، وإلا فالتوحيد بحث من مباحث الصفات السلبية، والعدل فرع من فروع الحكمة الإلهية بمعنى التنزه عن فعل ما لا ينبغي، والنبوة والإمامة والمعاد كلها من تجليات فعله.
وحيث أن كتابنا ليس كتاب رد ومناظرة بل كتاب تحقيق وتدريس كان الأولى فيه مراعاة التسلسل المنطقي للمباحث وإدراج كل مطلب تحت عنوانه الأصلي.
فالكتاب يقع في جزئين، الجزء الأول يبحث في إثبات الصانع، وأسمائه وصفاته الأعم من التوحيد والعدل بالتقسيم القديم. والجزء الثاني يبحث في النبوة والإمامة والمعاد.
وتنقسم مباحث هذا الجزء إلى ستة فصول.
يشتمل الفصل الأول على ست مقدمات أصولية عامة مفيدة ليس عنها للباحث والدارس غني للتعرف على حقيقة الدين وجذوره في الفطرة الإنسانية