بعد الوقوف على هذه التأثيرات المعجبة أن نهمل البحث عنه، ونجعله في زاوية النسيان؟
غير أن هنا نكتة نلفت نظر القارئ إليها، وهي أنه ليست كل عقيدة تتسم باسم الدين قادرة على خلق هذه الآثار وإبداعها، وإنما تقدر عليها كل عقيدة دينية تقوم على أساس العقل، وتكون واصلة إلينا عن طريق الأنبياء الصادقين، ففي مثل تلك العقيدة نجد الحركة والحياة، وفي غير هذه الصورة يصبح الدين عقائد خرافية تتجلى بصورة الرهبانية والميول السلبية إلى غير ذلك من الآثار السيئة التي نلمسها في العقائد الدينية التي لا تمت إلى الوحي ورجال الدين الحقيقي بصلة.
فالمفكر الغربي إذ يتهم الدين بأنه عامل التخلف والانحطاط، ومضاد للتقدم والرقي، فهو يهدف إلى أمثال هذه العقائد الدينية.
وهناك نكتة أخرى وهي: إن الدين الحقيقي يلغي الفوارق السلبية التي لا تمت إلى أساس منطقي بصلة، وأما المميزات الإيجابية التي لا تنفك عن أفراد البشر فهي غير ملغاة أبدا، فكما أن أصابع اليد الواحدة تختلف كل واحدة منها عن الأخرى، كذلك أفراد البشر يتفاوتون من حيث العقل والفكر والحركة والنشاط.
فالفوارق التي تنشأ من نفس طبيعة الإنسان غير قابلة للحذف والتغيير، وما يرفضه الدين ويحذفه عن مجال الحياة هو الامتيازات النابعة من القوة والسلطة.
إلى هنا تعرفنا على الجوانب الحقيقية للدين وحان الآن وقت التعرف على جذوره في فطرة الإنسان.