تذنيب كفارة الغيبة كفارة الغيبة - بعد التوبة والندم للخروج عن حق الله - أن يخرج من حق من اغتابه. وطريق الخروج من حقه، إن كان ميتا أو غائبا لم يمكن الوصول إليه، أن يكثر له من الاستغفار والدعاء، ليحسب ذلك يوم القيامة من حسناته ويقابل بها سيئة الغيبة، وإن كان حيا يمكن الوصول إليه ولم تبلغ إليه الغيبة، وكان في بلوغها إليه مظنة العداوة والفتنة، فليكثر له أيضا من الدعاء والاستغفار، من دون أن يخبره بها، وإن بلغت إليه أو لم تبلغه، ولم يكن في بلوغها ظن الفتنة والعداوة، فليستحله معتذرا متأسفا مبالغا في الثناء عليه والتودد إليه، وليواظب على ذلك حتى يطيب قلبه ويحله فإن لم يطب قلبه من ذلك ولم يحله، كان اعتذاره وتودده حسنة يقابل بها سيئة الغيبة في القيامة.
والدليل على هذا التفصيل قول الصادق (ع): " وإن اغتبت فبلغ المغتاب، فاستحل منه، فإن لم تبلغه لم تلحقه، فاستغفر الله " (27)، وذلك لأن في الاستحلال مع عدم البلوغ إليه إثارة للفتنة وجلب الضغائن، وفي حكم من لم يبلغه من لم يقدر على الوصول إليه بموت أو غيبة، وعلى هذا فقول النبي (ص): " كفارة من اغتبته أن تستغفر له "، محمول على صورة عدم إمكان الوصول إليه، أو إمكانه مع إيجاب الأعلام والاستحلال لإثارة الفتنة والعداوة. وقوله (ص): " من كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض أو مال، فليتحللها منه من قبل أن يأتي يوم ليس هناك دينار ولا درهم، إنما يؤخذ من حسناته، فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فزيدت على سيئاته "، محمول على صورة البلوغ أو عدم البلوغ، مع عدم إيجاب الإعلام والاستحلال فتنة وعداوة.