جعل أكل الربا في أول الأمر مؤديا إلى محاربة الله، وفي آخره متعرضا للنار. وقد ورد الذم الشديد على كل واحد منها بخصوصه في أخبار كثيرة، وهي في كتب الأخبار والفقه مذكورة، وتفصيل جميع المحرمات موكول إلى كتب الفقه، وليس هنا موضع بيانه فليرجع فيه إلى كتب الفقهاء ".
الفرق بين الرشوة والهدية وربما يتوهم الاشتباه في بعض الموارد بين الرشوة والهدية، فلنشر إلى جلية الحال فيهما، فنقول: ههنا صور:
الأولى - أن يسلم أو يرسل مالا إلى بعض الإخوان طلبا للاستئناس، وتأكيدا للصحبة والتودد. وقد عرفت كونه هدية وحلالا، سواء قصد به الثواب في الآخرة والتقرب إلى الله تعالى أيضا، أو لم يقصد به الثواب، بل قصد مجرد الاستئناس والتودد.
الثانية - أن يقصد بالذل عوض مالي معين في العاجل، كأن يهدي الفقير إلى الغني أو الغني شيئا طمعا في عوض أكثر أو مساو من ماله. وهذا أيضا نوع هدية، وحقيقته ترجع إلى هبة بشرط العوض، وإذا وفى بما (يطمع فيه) (6) من العوض فلا ريب في حليته. قال الصادق (ع):
" الربا رباءان: ربا يؤكل وربا لا يؤكل. فأما الذي يؤكل فهديتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها، فذلك الربا الذي يؤكل، وهو قول الله تعالى:
" وما أتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله " (7).
وأما الذي لا يؤكل، فهو الذي نهى الله عز وجل عنه، وأوعد عليه النار " (8). وعنه عليه السلام: " قال: قال رسول الله (ص): الهدية على ثلاثة وجوه: هدية مكافأة، وهدية مصانعة، وهدية لله عز وجل " (9).
وفي بعض الأخبار نوع إشعار بالحل، وإن لم يتحقق الوفاء بما (يطمع فيه) (10)