الضغائن " (13). فمن تأمل في ما يدل على ذمها وسوء عاقبتها عقلا ونقلا - فمع عدم ترتب فائدة عليها، وتذكر ما ورد في مدح تركها وفوائد ضدها، أعني طيب الكلام - يسهل عليه أن يتركها ولا يحوم حولها.
تذنيب علاج المراء طريق المعالجة في إزالة المراء والجدال والخصومة: أن يعلم أنها توجب التباغض والمباينة، وتزيل الألفة والمحبة، وتقطع الالتيام والوحدة. ولا ريب في أن قوام النظام الأصلح بالالتيام والوحدة، كما اقتضته العناية الإلهية والحكمة الأزلية، والمباينة الراجعة إلى الكثرة ينافيهما، ولا ينبغي للعاقل أن يرتكب ما يضاد فعل الله وحكمته. وهذا هو العلاج العلمي.
وأما العملي، فليواظب على ضد هذه الثلاثة، أعني طيب الكلام، ويكلف نفسه عليه، حتى يصير ملكة له وترتفع أضدادها عنه بالمرة.
وصل طيب الكلام قد أشير إلى أن ضد الرذائل الثلاث طيب الكلام، وما ورد في مدحه وفي ثواب تركها أكثر من أن يحصى. قال رسول الله (ص): " ثلاث من لقي الله تعالى بهن دخل الجنة من أي باب شاء: من حسن خلقه، وخشي الله في المغيب والمحضر، وترك المراء وإن كان محقا ". وقال (ص):
" يمكنكم من الجنة طيب الكلام وإطعام الطعام ". وقال (ص): " إن في الجنة لغرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام وأطاب الكلام ". وقال (ص): " الكلمة الطيبة صدقة ".
وروي: " أن عيسى - عليه السلام - مر به خنزير. فقال: مر بسلامة.
فقيل له: يا روح الله، تقول هذا للخنزير! فقال: أكره أن أعود لساني الشر ". وقال بعض الحكماء: " الكلام اللين يغسل الضغائن المستكنة