الشرائط أن يظهر المنكر على المحتسب من غير تجسس، فلا يجب، بل لا يجوز التجسس، كفتح الباب المغلق، ووضع الأذن والأنف لاحتباس الصوت والريح، وطلب إراءة ما تحت الثوب، وأمثال ذلك، لنص الكتاب والسنة.
فصل عدم اشتراط العدالة فيه لا تشترط فيه العدالة وائتمار الأمر بما يأمر به وانتهاء الناهي عما ينهى عنه، لإطلاق الأدلة، ولأن الواجب على فاعل الحرام المشاهد فعله من غيره أمران: تركه وإنكاره، ولا يسقط بترك أحدهما وجوب الآخر، كيف ولو شرط ذلك لاقتضى عدم وجوب ذلك إلا على المعصوم، فينسد باب الحسبة بالكلية.
وأما الإنكار في قوله تعالى:
" أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم " (11) وقوله تعالى: " لم تقولون ما لا تفعلون؟ كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " (12).
وما في حديث الأسرى من قرض مقاريضهم بالنار، فإنما هو على عدم العمل بما يأمر به ويقوله، لا على الأمر والقول. وكذلك ما روي: " إن الله تعالى أوحى إلى عيسى: عظ نفسك، فإن اتعظت فعظ الناس، وإلا فاستحي مني " (13). وقس على ذلك جميع ما ورد من هذا القبيل.
وما قيل إن هداية الغير فرع الاهتداء، وتقويم الغير فرع الاستقامة ففيه أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تارة يكون بالوعظ وتارة بالقهر، ومن لم يكن مهتديا مستقيما، تسقط عنه الحسبة بالوعظ، لعلم الناس بفسقه، فلا يتضمن وعظه وكلامه فائدة، ولا يؤثر في العالم بفسقه، ولا يخرج ذلك وعظه وقوله عن الجواز، كما لا تخرج حسيته القهرية عن