الجارية: من بناء المساجد، والمدارس، والقناطر، والرباطات، ونصب الخشبات في الطرق، وإجراء القنوات، ونسخ المصاحف والكتب العلمية، وغير ذلك من الأوقاف المرصدة للخيرات المؤبدة، الدائرة بعد الموت، المستجلبة ببركة أدعية الصالحين إلى أوقات متمادية.
فصل الأموال المنجية من غوائل المال من أراد النجاة من غوائل المال، فليحافظ على أمور:
الأول - أن يعرف مقصود المال وباعث خلقه وعلة الاحتياج إليه، حتى لا يكتسب ولا يحفظ إلا قدر حاجته.
الثاني - أن يراعي جهة دخله، فيجتنب الحرام والمشتبه، والجهات المكروهة القادحة في المروة والحرية، كالهدايا المشوبة بالرشوة، والسؤال الذي فيه الانكسار والذلة.
الثالث - أن يراعي جهة الخرج، ويقتصد في الإنفاق، غير مبذر ولا مقتر. قال الله تعالى:
" والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما " (29).
وقال النبي (ص): " ما عال من اقتصد ". ثم للاقتصاد في المطعم والملبس والمسكن درجات ثلاث: أدنى وأوسط وأعلى، وربما كان الميل إلى الأولى أحرى وأولى، ليدخل في زمرة المخفين يوم القيامة.
الرابع - أن يضع ما اكتسبه من حله في حقه، ولا يضعه في غير حقه فإن الإثم في الأخذ من غير حله والوضع في غير حقه سواء.
الخامس - أن يصلح نيته في الأخذ والترك والإنفاق والإمساك، فيأخذ ما يأخذ استعانة به على ما خلق لأجله، ويترك ما يترك زهدا فيه واستحقارا له واجتنابا عن وزره وثقله، وإذا فعل ذلك لم يضره وجوده.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: " لو أن رجلا أخذ جميع ما في الأرض وأراد به وجه الله فهو زاهد، ولو ترك الجميع ولم يرد به وجه الله فليس بزاهد ".