ونحن لا نعلم. فيقتص لهم منه " (1) فصل عزة تحصيل الحلال ينبغي لطالب النجاة أن يفر من الحرام فراره من الأسد، ويحترز منه احترازه من الحية السوداء، بل أشد وأنى يمكنه ذلك في أمثال زماننا الذي لم يبق فيه من الحلال إلا الماء الفرات والحشيش النابت في أرض الموات، وما عداه قد أخبثته الأيدي العادية، وأفسدته المعاملات الفاسدة! ما من درهم إلا وقد غضب من أهله مرة بعد أولى، وما من دينار إلا وقد خرج من أيدي من أخذه قهرا كرة غب أولى، جل المياه (كذا) أو لأراضي من أهلها مغصوبة، وأنى يمكن القطع بحلية الأقوات وأكثر المواشي والحيوانات من أهلها منهوبة، فأنى يتأتى الحزم بحلية اللحوم والألبان والدسوم، فهيهات ذلك هيهات!
ما من تاجر إلا ومعاملته مع الظالمين، وما من ذي عمل إلا وهو مخالط للجائرين من عمال السلاطين.
وبالجملة: الحلال في أمثال زماننا مفقود، والسبيل دون الوصول إليه مسدود. ولعمري! إن فقده آفة عم في الدين ضررها، ونار استطار في الخلق شررها. والظاهر أن أكثر الأعصار كان حالها كذلك. ولذلك قال الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع): " المؤمن يأكل في الدنيا بمنزلة المضطر ".
وقال رجل للكاظم (ع): " ادع الله جل وعز يرزقني الحلال، فقال: أتدري ما الحلال؟ قال: الكسب الطيب. فقال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: الحلال قوت المصطفين. لكن قل: أسألك من رزقك الواسع ".
ومع ذلك كله، لا ينبغي للمؤمن أن ييأس من تحصيل الحلال، ويترك الفرق والفصل بين الأموال، فإن الله سبحانه أجل وأعظم من أن يكلف عباده بأكل الحلال ويسد عنهم طريق تحصيله.