الشهادة، وهو ضد شهادة الزور والصدق في اليمين، وهو ضد الكذب فيه، والوفاء بالعهد، وهو ضد خلف الوعد، وهذا القسم من الصدق، أعني الوفاء بالعهد، أفضل أنواع الصدق القولي وأحبها، ولذا أثنى الله تعالى على نبيه إسماعيل به، وقال:
" إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا " (50).
قيل: إنه واعد إنسانا في موضع فلم يرجع إليه، فبقي اثنين وعشرين يوما في انتظاره. وروي: " أنه بايع رجل رسول الله (ص) ووعده أن يأتيه من مكانه ذلك، فنسي وعده في يومه وغده، وأتاه في اليوم الثالث وهو في مكانه ". وقال رسول الله: " العدة دين ". وقال (ص): " الوأي - أي الوعد - مثل الدين أو أفضل ".
تكميل أقسام الصدق الصدق كالكذب له أنواع ستة:
الأول - الصدق في القول، وهو الإخبار عن الأشياء على ما هي عليه، وكمال هذا النوع بترك المعاريض من دون ضرورة، حذرا من تفهيم الخلاف وكسب القلب صورة كاذبة، ورعاية معناه في ألفاظه التي يناجي بها الله سبحانه، فمن قال: " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض " وفي قلبه سواه، أو قال: " إياك نعبد " وهو يعبد الدنيا بتقيد قلبه بها إذ كل من تقيد قلبه بشئ فهو عبد له، كما دلت عليه الأخبار، فهو كاذب الثاني - الصدق في النية والإرادة، ويرجع ذلك إلى الإخلاص، وهو تمحيض النية وتخليصها لله، بألا يكون له باعث في طاعاته، بل في جميع حركاته وسكناته، إلا الله. فالشوب يبطله ويكذب صاحبه.
الثالث - الصدق في العزم أي الجزم على الخير: فإن الإنسان قد يقدم العزم على العمل، ويقول في نفسه: إن رزقني الله كذا تصدقت منه كذا، وإن خلصني الله من تلك البلية فعلت كذا. فإن كان في باطنه جاز ما على هذا العزم، مصمما على العمل بمقتضاه، فعزمه صادق وإن كان في