أصحاب المعروف في الدنيا عرفوا بمعروفهم، فبم يعرفون في الآخرة؟
فقال (ص): إن الله إذا أدخل أهل الجنة الجنة، أمر ريحا عبقة طيبة فلصقت بأهل المعروف، فلا يمر أحد منهم بملأ من أهل الجنة إلا وجدوا ريحه، فقالوا: هذا من أهل المعروف " (48).
ومنها - أي من رذائل القوة الشهوية -:
طلب الحرام وعدم الاجتناب عنه. ولا ريب في كونه مترتبا على حب الدنيا والحرص عليها، وهو أعظم المهلكات، به هلك أكثر من هلك، وجل الناس حرموا عن السعادة لأجله، ومنعوا عن توفيق الوصول إلى الله بسبه. ومن تأمل يعلم أن أكل الحرام أعظم الحجب للعبد من نيل درجة الأبرار، وأقوى الموانع له عن الوصول إلى عالم الأنوار، وهو موجب لظلمة القلب وكدرته وهو الباعث لخبثه وغفلته، وهو العلة العظمى لخسران النفس وهلاكها، وهو السبب الأقوى لضلالتها وخباثتها، وهو الذي أنساها عهود الحمى، وهو الذي أهواها في مهاوي الضلالة والردى، وما للقلب المتكون من الحرام والاستعداد لفيوضات عالم القدس! وأنى للنطفة الحاصلة منه والوصول إلى مراتب الأنس! وكيف يدخل النور والضياء في قلب أظلمته أدخنة المحرمات؟! وكيف تحصل الطهارة والصفاء لنفس أخبثتها قذارات المشتبهات؟!
ولأمر ما حذر عنه أصحاب الشرع وأمناء الوحي غاية التحذير، وزجروا منه أشد الزجر. قال رسول الله (ص): " إن لله ملكا على بيت المقدس، ينادي كل ليلة: من أكل حراما لم يقبل منه صرف ولا عدل ": أي لا نافلة ولا فريضة. وقال (ص): " من لم يبال من أين اكتسب المال، لم يبال الله من أين أدخله النار ". وقال (ص): " كل لحم نبت من حرام فالنار