وفي بعض الأخبار (39): " إن الجار الفقير يتعلق بجاره الغني يوم القيامة، ويقول: سل يا رب هذا لم منعني معروفه وسد بابه دوني؟ ".
تتميم حدود الجوار وحقه معرفة الجوار موكولة إلى العرف، فأي دار يطلق عليها الجار عرفا يلزم مراعاة حقوق أهلها. والمستفاد من بعض الأخبار: إن كل أربعين دارا من كل واحد من الجوانب الأربعة جيران، ثم لا ينحصر حق الجار في مجرد كف الأذى، إذ ذلك يستحقه كل أحد، بل لا بد من الرفق وإهداء الخير والمعروف، وتشريكه فيما يملكه ويحتاج إليه من المطاعم، كما ظهر من بعض الأخبار المتقدمة. وينبغي أن يبدأه بالسلام، ولا يطيل معه الكلام ولا يكثر عن حاله السؤال، ويعوده في المرض، ويعزيه في المصيبة، ويقوم معه في العزاء، ويهنئه في الفرح، ويصفح عن زلاته، ويستر ما اطلع عليه من عوراته، ولا يضايقه في وضع الجذع على جداره، ولا في صب الماء في ميزابه، ولا في مطرح التراب في فنائه، ولا في المرور عن طريقه، ولا يمنعه ما يحتاج إليه من الماعون، ويغض بصره عن حرمه، ولا يغفل عن ملاحظة داره عند غيبته، ويتلطف لأولاده في كلمته، ويرشده إلى ما يصلحه من أمر دينه ودنياه، وإن استعان به في أمر أعانه، وإن استقرضه أقرضه، ولا يستطيل عليه بالبناء فيحجب عنه الريح، إلا بإذنه، وإذا اشترى شيئا من لذائذ المطاعم وطرفها فليهد له، وإن لم يفعل فليدخلها بيته سرا، ولا يخرج بها أولاده حتى يطلع عليها بعض أولاد جاره، فيشتهيه وينكسر لذلك خاطره.
ومنها:
طلب العثرات وتجسس العيوب والعورات وإظهارها. ولا ريب في كونه من نتائج العداوة والحسد، وربما حدث في القوة الشهوية رداءة توجب الاهتزاز والانبساط، من ظهور عيب بعض المسلمين، وإن لم يكن عداوة وحقدا، كما قيل: