اطلاع الناس لأحد المقاصد الصحيحة الآتية فلا بأس به ولا يبطل العمل.
تنبيه السرور بالاطلاع على العبادة من كان قصده أخفاء الطاعة والاخلاص لله، فإذا أتفق اطلاع الناس على طاعته فلا بأس بالسرور به، من حيث علمه بأن الله أطلعهم عليه وأظهر الجميل من حاله، فيستدل به على حسن صنع الله به من حيث إنه ستر الطاعة والمعصية، والله تعالى أبقى معصيته على الستر وأظهر طاعته، فيكون فرحه بجميل نظر الله وفضله له لا بمدح الناس وقيام المنزلة في قلوبهم، وقد قال الله تعالى:
" قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا " (34).
وكأنه ظهر له بظهور طاعته أنه عند الله مقبول ففرح به. أو من حيث استدلاله بإظهار الله الجميل وستره القبيح في الدنيا أنه كذلك يفعل به في الآخرة، قال رسول الله (ص): " ما ستر الله على عبد في الدنيا إلا ستر الله عليه في الآخرة ". فالأول فرح بالقبول في الحال من غير ملاحظة المستقبل وهذا التفات إلى المستقبل. أو من حيث ظنه رغبة المطلعين في الاقتداء في الطاعة، فيتضاعف بذلك أجره. إذ يكون له أجر السر بما قصده أولا، وأجر العلانية بما أظهره آخرا، ومن اقتدى الناس به في طاعة فله أجر أعمال المقتدين به من غير أن ينقص من أجورهم شئ. أو من حيث فرحه بطاعة المطلعين لله في مدحهم وحبهم للمطيع، وميل قلوبهم إلى الطاعة، إذ من الناس من يمقت أهل الطاعة ويحسدهم أو يستهزئ بهم وينسبهم إلى الرياء، فهذا فرح بحسن إيمان عباد الله، وعلامة الإخلاص فيه: أن يكون سروره بمدحهم غيره مثل سروره بمدحهم إياه.
ويدل على عدم البأس بالسرور فيما ذكر ما روي: " أن رجلا قال لرسول الله (ص): إني أسر العمل لا أحب أن يطلع عليه أحد فيطلع عليه فيسرني! قال: لك أجران: أجر السر وأجر العلانية ". وما روي:
" أنه سئل الباقر (ع) عن الرجل يعمل الشئ من الخير فيراه إنسان فيسره