ذلك لفعل مثل فعله، إلا أنه لما كان في زمان يعاب عليه بمثله لم يجز له أن يرتكبه، ولما لم يكن ذلك مما يعاب عليه في زمن أمير المؤمنين (ع) كان يرتكبه وكان ذلك منقبة له وتعليما. فظهر أن ارتكاب بعض الأمور وعدم ارتكاب بعض الأفعال قد يكون رياء محبوبا وقد يكون رياء مذموما.
فصل تأثير الرياء على العبادة الرياء إما أن يكون مجردا عن قصد القربة والثواب بحيث لولاه وانفرد صاحبه لترك العمل وهو أشد درجات الرياء وأعظمها إثما، أو يكون مع قصدهما فإن كان قصدا ضعيفا مرجوحا بحيث لو كان خاليا عن قصد الرياء لم يبعثاه على العمل، ولو كان قصد الرياء خاليا عنهما بعثه عليه، كان قريبا من سابقه وإن كان مساويا لقصد الرياء بحيث لو كان كل واحد خاليا عن الآخر لم يبعثه على العمل، فالحق كونه مفسدا للعمل أيضا لظواهر الأخبار. وإن كان راجحا على قصد الرياء غالبا عليه بأن يكون قصد الرياء واطلاع الناس مرجحا ومقويا لنشاطه بحيث لو لم يكن لم يترك العمل، ولو كان قصد الرياء وحده لما أقدم على العمل، (فبعض العلماء) على أنه لا يحبط أصل العمل والثواب بل ينقص من الثواب أو يعاقب صاحبه على مقدار قصد الرياء، ويثاب على مقدار قصد الثواب و (فيه نظر) إذ ظواهر الأخبار تفيد أبطاله أصل العمل والثواب لصدق الرياء عليه وصدق المرائي على صاحبه، لقول أمير المؤمنين عليه السلام " ثلاث علامات للمرائي: ينشط إذا رأى الناس، ويكمل إذا كان وحده، ويحب أن يحمد في كل أموره " وما تقدم من الأخبار الدالة على أن كل عمل أشرك مع الله تعالى غيره، كان الله منه بريئا ولم يقبله، صريح في المطلوب. وحملها على ما إذا تساوى القصد أو كان قصد الرياء أرجح خلاف الظاهر. ثم الظاهر أن البطلان في هذه الصورة إنما هو إذا رجع قصده إلى حبه اطلاع الناس عليه لتقع منزلة له في قلوبهم، ليتوسل بها إلى نيل غرض من الأغراض الدنيوية، وأما إذا كان سروره وقصده من