وصل معنى وجوبهما كفائيا إذا اجتمعت الشرائط، وكان المطلع منفردا، تعين عليه، وإن كان ثمة غيره، وشرع أحدهما في الأمر والنهي، فإن ظن الآخر أن لمشاركته أثرا في تعجيل ترتب الأثر ورسوخ الانزجار وجب عليه أيضا، وإلا فلا.
لأن الغرض وقوع المعروف وارتفاع المنكر، فمتى حصلا بفعل واحد، كان السعي من الآخر عبثا. وهذا معنى كون وجوبهما كفائيا.
فصل ما ينبغي في الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ينبغي لكل من الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون حسن الخلق صابرا حليما قويا في نفسه، لئلا ينزعج، ولا يضطرب إذا قيل في حقه ما لا يليق به. فإن أكثر الناس أتباع الهوى، فإذا نهوا عما يميلون إليه شق ذلك عليهم، فربما أطلقوا ألسنتهم في حق الناهي، ويقولون فيه ما لا يليق بشأنه، وربما تجاوزوا إلى سوء الأدب قولا وفعلا بالمشافهة.
وأن يكون رفيقا بالناس، فإن الوعظ بالرفق والملاءمة أوقع وأشد تأثيرا في قلوب أكثر الناس.
وأن يكون قاطعا للطمع عن الناس، فإن الطامع من الناس في أموالهم أو إطلاق ألسنتهم بالثناء عليه لا يقدر على الحسبة، ولذا نقل: " إن بعض المشايخ كان له سنور، وكان أخذ من قصاب في جواره كل يوم شيئا من القد لسنوره، فرأى على القصاب منكرا، فدخل الدار أولا، وأخرج السنور ثم جاء ووعظ القصاب وشدد عليه القول، فقال القصاب: لا يأكل سنورك شيئا بعد ذلك، فقال: ما احتسبت عليك إلا بعد إخراج السنور وقطع الطمع عنك! ".
تتميم أنواع المنكرات إعلم أن المنكرات إما محظورة أو مكروهة، والمألوفة منها في العادات أكثر من أن تحصى.
فمنها - ما يكون غالبا في المساجد: كإساءة الصلاة، والإخلال ببعض