كلاهما "، فقال له معتب: جعلني الله فداك! هذا للظالم، فما بال المظلوم؟!
قال: " لأنه لا يدعو أخاه إلى صلته، ولا يتعامس له عن كلامه. سمعت أبي عليه السلام يقول: إذا تنازع اثنان، فعاد أحدهما الآخر، فليرجع المظلوم إلى صاحبه، حتى يقول لصاحبه: أي أخي، أنا الظالم، حتى يقطع الهجران بينه وبين صاحبه، فإن الله تبارك وتعالى حكم عدل، يأخذ للمظلوم من الظالم ". وقال عليه السلام: " لا يزال إبليس فرحا ما اهتجر المسلمان، فإذا التقيا اصطكت ركبتاه وتخلعت أوصاله، ونادى: يا ويله!
ما لقي من الثبور ". وقال الباقر عليه السلام: " إن الشيطان يغري بين المؤمنين ما لم يرجع أحدهم عن دينه، فإذا فعلوا ذلك استلقى على قفاه وتمدد، ثم قال: فزت. فرحم الله امرأ ألف بين وليين لنا. يا معشر المؤمنين تآلفوا وتعاطفوا " (17) والأخبار الواردة في ذم الهجرة والتباعد كثيرة.
فيجب على كل طلب لنجاة الآخرة أن يتأمل في أمثال هذه الأخبار، ثم يتذكر ثواب ضد ذلك وفوائده، أعني التآلف والتزاور بين الأخوان بنفسه، فيحافظ نفسه من حصول الانقطاع والتباعد مع إخوانه، ولو حصل ذلك كلف نفسه المبادرة إلى زيارته وتألفه، حتى يغلب على الشيطان ونفسه الأمارة، ويفوز بما يرجوه المتقون من عظيم الأجر وجزيل الثواب.
فصل التزاور والتآلف قد أشير إلى أن ضد التباعد والهجران هو التزاور والتآلف، وهو من ثمرات النصيحة والمحبة، وثوابه أكثر من أن يحصى. عن أبي جعفر - عليه السلام - قال: " قال رسول الله (ص): حدثني جبرئيل (ع):
أن الله عز وجل أهبط إلى الأرض ملكا، فأقبل ذلك الملك يمشي حتى وقع إلى باب عليه رجل يستأذن على رب الدار، فقال له الملك: ما حاجتك إلى رب هذه الدار؟ قال: أخ لي مسلم زرته في الله تبارك وتعالى. فقال له الملك: ما جاء بك إلا ذاك؟ فقال: ما جاء بي إلا ذاك. قال: فإني