فإن دخلك من ذلك شئ، فاذكر عيش رسول الله (ص) فإنما كان قوته الشعير، وحلواه التمر، ووقوده السعف إذا وجده " (64) وقال: " من قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس ". وقال الصادق (ع) " من رضي من الله باليسير من المعاش رضي الله عنه باليسير من العمل " وقال: " مكتوب في التوراة: ابن آدم، كن كيف شئت كما تدين تدان، من رضي من الله بالقليل من الرزق قبل الله منه اليسير من العمل، ومن رضي باليسير من الحلال خفت مؤنته وزكت مكسبته وخرج من حد الفجور " وقال: " إن الله عز وجل يقول: يحزن عبدي المؤمن إن قترت عليه، وذلك أقرب له مني، ويفرح عبدي المؤمن إن وسعت عليه، وذلك أبعد له مني " وقال: " كلما ازداد العبد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته ". والأخبار الواردة في فضيلة القناعة أكثر من أن تحصى، وما أوردناه كاف لأهل البصيرة.
فصل علاج الحرص طريق المعالجة في إزالة الحرص وتحصيل القناعة: أن يتذكر أولا ما في القناعة من المدح والشرافة، وعز النفس وفضيلة الحرية، وما في الحرص من الذم والمهانة، وتحمل الذلة ومتابعة الشهوة. ويعرف أن من لا يؤثر عز النفس على شهوة البطن، فهو قليل العقل ناقص الإيمان. ثم يتذكر ما في جميع المال من الآفات الدنيوية والعقوبات الأخروية، ويكثر التأمل فيما مضى عليه عظماء الخلق وأعز أصنافهم، أعني الأنبياء والأوصياء ومن سار بسيرتهم من السلف الأتقياء، من صبرهم على القليل، وقناعتهم باليسير، وفيما يجري عليه الكفار من الهندو واليهود والنصارى وأراذل الناس وأغنيائهم وأمثالهم، من التنعم وجمع المال الكثير. وبعد هذا التأمل لا أظنه يشك في أن الاقتداء بأعز الخلائق أحسن من الاقتداء بأراذلهم، بل المتأمل يعرف أن الحريص