فنقول: أما جنسا رذائلها (1) فأحدهما:
الشره وهو إطاعة شهوة البطن والفرج، وشدة الحرص على الأكل والجماع، وربما فسر باتباع القوة الشهوية في كل ما تدعو إليه: من شهوة البطن والفرج وحب المال، وغير ذلك، ليكون أعم من سائر رذائل قوة الشهوة، وتتحقق جنسيته، وعلى الأول يكون بعض رذائلها كحب الدنيا المتعلق بها أعم منه، إلا أن القوم لما فسروه بالأول فنحن اتبعناهم، إذ الأمر في مثله هين.
وبالجملة: رذيلة الشره من طرف الإفراط ولا ريب في كونه أعظم المهلكات لابن آدم، ولذا قال رسول الله (ص): " من وقى شر قبقبه وذبذبه ولقلقه فقد وقى "، والقبقب: البطن، والذبذب: الفرج، واللقلق:
اللسان. وقال (ص): " ويل للناس من القبقبين!، فقيل: وما هما يا رسول الله؟! قال: الحلق والفرج ". وقال (ص): " أكثر ما يلج به أمتي النار الأجوفان: البطن والفرج ". وقال (ص): " ثلاث أخافهن على أمتي من بعدي: الضلالة بعد المعرفة، ومضلات الفتن، وشهوة البطن والفرج ".
ويدل على ذم (الأول) - أعني شهوة البطن والحرص على الأكل والشرب - قوله (ص): " ما ملأ ابن آدم وعاءا شرا من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، وإن كان لا بد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ". وقال (ص): " لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب فإن القلب كالزرع يموت إذا كثر عليه الماء ". وقال (ص): " أفضلكم منزلة عند الله أطولكم جوعا وتفكرا، وأبغضكم إلى الله تعالى كل نؤوم أكول شروب " وقال (ص): " المؤمن يأكل في معاء واحد والمنافق يأكل في سبعة أمعاء "، أي يأكل سبعة أضعاف ما يأكله المؤمن أو تكون شهوته سبعة أمثال شهوته، فالمعاء كناية عن الشهوة. وقال (ص): " إن أبغض الناس إلى الله المتخمون الملأى، وما ترك عبد أكلة يشتهيها إلا كانت له درجة في الجنة ". وقال (ص) " بئس العون على الدين قلب نخيب وبطن رغيب