وأما المنكرات العظيمة: من البدعة في الدين، والقتل، والظلم، والزنا واللواط، وشرب الخمر، وأنواع الغناء، والنظر إلى غير المحارم، وأكل الحرام، والصلاة في الأماكن المغصوبة، والوضوء والغسل من المياه المحرمة والتصرف في أموال الأوقاف وغصبها، والمعاملة مع الظالمين، والجهل في الأصول الاعتقادية والفروع الواجبة، وآفات اللسان، فلا يمكن حصرها لكثرتها، لا سيما في أمثال زماننا. فلو أمكن لمؤمن دين أن يغير هذه المنكرات كلا أو بعضا بالاحتساب، فليس له أن يقعد في بيته، بل يجب عليه الخروج للنهي والتعليم. بل ينبغي لكل مسلم أن يبدأ بنفسه، فيصلحها بالمواظبة على الطاعات وترك المحرمات، ثم يعلم ذلك أهله وأقاربه، ثم يتعدى بعد الفراغ منهم إلى جيرانه، ثم إلى أهل محلته، ثم أهل بلده، ثم أهل السواد المكتنف بلده، ثم إلى غيرهم، وهكذا الأقرب فالأقرب إلى أقصى العالم. فإن قام به الأدنى سقط عن الأبعد، وإلا لزم الحرج على كل قادر عليه، قريبا كان أو بعيدا. ولا يسقط الحرج ما دام يبقى على وجه الأرض جاهل يعرض عن فروض دينه وهو قادر على أن يسعى إليه بنفسه أو بغيره فيعلمه فريضة. وهذا شغل شاغل لمن يهمه أمر دينه يشغله عن سائر المشاغل. إلا أن إعراض الناس عن أمور دينهم في عصرنا لم يبلغ حدا يقبل الإصلاح، إلى أن تتعلق به مشيئة الله، فينهض بعض عباده السعداء الأقوياء، فيدفع هذه الوصمة، ويسد هذه الثلمة، ويتلافى هذه الفترة.
ومنها:
الهجرة والتباعد ولا ريب في كونه من نتائج العداوة والحقد، أو الحسد أو البخل.
فيكون من رذائل قوة الغضب أو الشهوة. وهو من ذمائم الأفعال. قال رسول الله (ص): " أيما مسلمين تهاجرا، فمكثا ثلاثا لا يصطلحان، إلا كانا خارجين من الإسلام، ولم يكن بينهما ولاية. فأيهما سبق الكلام لأخيه كان السابق إلى الجنة يوم الحساب ". وقال (ص): " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.. " وقال الصادق عليه السلام: " لا يفترق رجلان على الهجران، إلا استوجب أحدهما البراءة واللعنة، وربما استحق ذلك ج: 2