الأمور المعلقة بالبدن، الدالة على الخيرية قصدا إلى تحصيل المنزلة في قلوب الناس، وكل ذلك يضر بالدين وينافي الورع واليقين، ولذا قال عيسى (ع):
" إذا صام أحدكم، فليدهن رأسه، ويرجل شعره، ويكحل عينيه "، خوفا من نزع الشيطان بالرياء. ثم هذه مراءاة أهل الدين بالبدن، وأما أهل الدنيا فيراؤن في البدن بإظهار السمن وصفاء اللون ونظافة البدن وحسن الوجه وأمثال ذلك.
أو متعلقة بالزي والهيئة كحلق الشارب وإطراق الرأس في المشي، والهدوء في الحركة، وإبقاء أثر السجود في الجبهة، ولبس الصوف أو الثواب الخشن أو الأبيض وتعظيم العمامة ولبس الطيلسان والدراعة، وأمثال ذلك مما يدل على العلم والتقوى أو الانخلاع عن الدنيا.
والمراؤن من أهل الدين بالزي واللباس على طبقات: منهم من يرى طلب المنزلة بالثياب الخشنة، ومنهم من يرى بالثياب الفاخرة، ومنهم من يرى بالوسخة، منهم من يراه بالنظيفة، وللناس فيما يعشقون مذاهب. وأما أهل الدنيا فلا ريب في أنهم يراؤن في اللباس بلبس الثياب النفيسة وركوب المراكب الرفيعة وأمثال ذلك.
أو متعلقة بالقول والحركات كإظهار الغضب والأسف على المنكرات ومقارفة الناس للمعاصي، ليستدل بها على حمايته للدين وشدة اهتمامه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع أن قلبه لم يكن متأثرا عن ذلك، وكإرخاء الجفون وتنكيس الرأس عند الكلام وإظهار الهدوء والسكون في المشي، ليستدل بذلك على وقاره، وربما أسرع المرائي في المشي إلى حاجة فإذا اطلع عليه واحد رجع إلى الوقار خوفا من أن ينسب إلى عدم الوقار، فإذا غاب الرجل عاد إلى عجلته.
أو متعلقة بغير ذلك كمن يتكلف أن يكثر الزائرون له والواردون عليه (لا) سيما من العلماء والعباد والأمراء ليقال إن أهل الدين والعظماء يتبركون بزيارته.
فصل ذم الرياء الرياء من الكبائر الموبقة والمعاصي المهلكة وقد تعاضدت الآيات والأخبار ج: 2