فمنها:
الحسد وهو تمني زوال نعم الله تعالى عن أخيك المسلم مما له فيه صلاح، فإن لم ترد زوالها عنه ولكن تريد لنفسك مثلها فهو (غبطة) ومنافسة، فإن لم يكن له فيها صلاح واردت زوالها عنه فهو (غيرة). ثم إن كان باعث حسدك مجرد الحرص على وصول النعمة إلى نفسك، فهو من رداءة القوة الشهوية وإن كان باعثه محض وصول المكروه إلى المحسود، فهو من رذائل القوة الغضبية، ويكون من نتائج الحقد الذي من نتائج الغضب، وإن كان باعثه مركبا منهما، فهو من رداءة القوتين. وضده (النصيحة)، وهي إرادة بقاء نعمة الله على أخيك المسلم مما له فيه صلاح.
ولا ريب في أنه لا يمكن الحكم على القطع بكون هذه النعمة صلاحا أو فسادا. فربما كانت وبالأعلى صاحبه فسادا له، مع كونها نعمة وصلاحا في بادئ النظر. فالمناط في ذلك غلبة الظن، فما ظن كونه صلاحا فإرادة زواله حسد وإرادة بقائه نصيحة، وما ظن كونه فاسدا فإرادة زواله غيرة.
ثم إن اشتبه عليك الصلاح والفساد، فلا ترد زوال نعمة أخيك ولا بقاءها إلا مقيدا بالتفويض وشرط الصلاح، لتخلص من حكم الحسد ويحصل لك حكم النصيحة. والمعيار في كونك ناصحا: أن تريد لأخيك ما تريد لنفسك، وتكره له ما تكره لنفسك. وفي كونك حاسدا: أن تريد له ما تكره لنفسك. وفي كونك حاسدا: أن تريد له ما تكره لنفسك، وتكره له ما تريد لنفسك.
فصل ذم الحسد الحسد أشد الأمراض وأصعبها، وأسوأ الرذائل وأخبثها، ويؤدي بصاحبه إلى عقوبة الدنيا وعذاب الآخرة، لأنه في الدنيا لا يخلو لحظة عن الحزن والألم، إذ هو يتألم بكل نعمة يرى لغيره، ونعم الله تعالى غير متناهية لا تنقطع عن عباده، فيدوم حزنه وتألمه. فوبال حسده يرجع إلى نفسه، ولا يضر المحسود أصلا، بل يوجب ازدياد حسناته ورفع درجاته من حيث