وينبغي للضيف - أيضا - إذا دخل الدار ألا يتصدر، ولا يقصد أحسن الأماكن، بل يتواضع ويرضى بالدون من المجلس، وإن أشار إليه صاحب الدار بموضع فلا يخالفه ويجلس فيه، وإن أشار إليه بعض الضيفان بالارتفاع أو الانحطاط، وألا يجلس في مقابلة باب حجرة النسوان، ولا يكثر النظر إلى الموضع الذي يخرج منه الطعام، فإنه دليل الشره وخسة النفس، وأن يخص بالتحية والسلام أولا من يقرب منه.
وينبغي لمن دعي إلى الضيافة ألا يطول الانتظار عليهم، ولا يعجل بحيث يفاجئهم قبل تمام الاستعداد.
ورابعها:
الحق المعلوم وحق الحصاد والجذاذ والمراد من الأول: ما يعرضه الرجل ويقدره في ماله، من قليل أو كثير غير الصدقات الواجبة، يعطيه محتاجا أو يصل به رحمه. والمراد بالثاني:
ما يعطى به إلى الفقراء من الضغث بعد الضغث: أي القبضة بعد القبضة من الزرع يوم حصاده، ومن الحفنة بعد الحفنة: أي ملء الكف من التمر أو الحنطة أو غيرهما من الثمار والفواكه والحبوبات عند قطعها وتصفيتها.
وهذان النوعان من الإنفاق معدودان في صدقة التطوع، وقد وردت بخصوصهما أخبار كثيرة لشدة استحبابهما. قال الصادق (ع): " إن الله فرض للفقراء في أموال الأغنياء فريضة لا يحمدون إلا بأدائها، وهي الزكاة، بها حقنوا دماءهم وبها سموا مسلمين، ولكن الله تعالى فرض في أموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة فقال الله تعالى:
" والذين في أموالهم حق معلوم " (29).
والحق المعلوم غير الزكاة، وهو شئ يفرضه الرجل على نفسه في ماله، يجب عليه أن يفرضه على قدر طاقته وسعة ماله، فيؤدي الذي فرض على نفسه إن شاء كل يوم، وإن شاء كل جمعة، وإن شاء كل شهر " (30).