تتميم البهتان قد ظهر مما تقدم أن البهتان أن تقول في مسلم ما يكرهه ولم يكن فيه، فإن كان ذلك في غيبته كان كذبا وغيبة، وإن كان بحضوره كان أشد أنواع الكذب. وعلى أي تقدير، فهو أشد إثما من الغيبة والكذب، قال الله سبحانه:
" ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا " (28).
وقال رسول الله (ص): " من بهت مؤمنا أو مؤمنة، أو قال فيه ما ليس فيه، أقامه الله على تل من نار، حتى يخرج مما قاله فيه ". وقال الصادق (ع): " من بهت مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيه، بعثه الله عز وجل في طينة خبال، حتى يخرج مما قال "، قلت: وما طينة خبال؟ قال:
" صديد يخرج من فروج المومسات " (29). ثم ما ورد في ذم اللسان وكونه شر الأعضاء ومنع أكثر المعاصي - كما يأتي في موضعه - يدل على ذم الغيبة والبهتان، كما يدل على ذم جميع آفات اللسان مما تقدم، من الفحش، واللعن، والطعن، والسخرية، وغير ذلك، وما يأتي: من الكذب، والمزاح، والخوض في الباطل. وفضول الكلام، وغير ذلك.
وصل المدح ومواضع حسنه وقبحه الغيبة لما كانت راجعة إلى الذم، فضدها المدح ودفع الذم، والبهتان لما كان كذبا، فضده الصدق. وكما أن لكل واحدة من آفات اللسان مما مر ومما يأتي ضدا خاصا، فكذلك لجميعها ضد واحد عام هو الصمت - كما أشير إليه فيما سبق أيضا. وضد البهتان - أعني الصدق - يأتي