وقيل لرسول الله (ص): أي أمتك أشر؟ قال: " الأغنياء ". وقال (ص) لبلال: " إلق الله فقيرا، ولا تلقه غنيا ". وقال (ص): " يدخل فقراء أمتي الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة عام ". وقال (ص): " اطلعت على الجنة، فرأيت أكثر أهلها الفقراء. واطلعت على النار، فرأيت أكثر أهلها الأغنياء ". وفي طريق: " فقلت: أين الأغنياء؟ فقال: حسبهم الجد " وأوحى الله تعالى إلى موسى: " يا موسى، إذا رأيت الفقر مقبلا، فقل:
مرحبا بشعار الصالحين. وإذا رأيت الغني مقبلا، فقل: ذنب عجلت عقوبته ".
وروي: " إنه ما من يوم إلا وملك ينادي من تحت العرش: يا ابن آدم، قليل يكفيك خير من كثير يطغيك ". وقال عيسى (ع): " بشدة يدخل الغني الجنة ".
وصل الفقر ضد الغنى (الفقر). وهو فقد ما يحتاج إليه. ولا يسمى فقد ما لا حاجة إليه فقرا. فإن عمم ما يحتاج إليه ولم يخص بالمال، لكان كل موجود ممكن محتاجا، لاحتياجه إلى دوام الوجود وغيره من الحاجات المستفادة من الله سبحانه، وانحصر الغنى بواحد واجب لذاته ومفيد لوجود غيره من الموجودات، أعني الله سبحانه. فهو الغني المطلق، وسائر الأشياء الموجودة فقراء محتاجون. وقد أشير إلى هذا الحصر في الكتاب الإلهي بقوله تعالى:
" والله الغني وأنتم الفقراء " (47).
وإن خص بالمال لم يكن كل الناس فقراء، بل من فقد المال الذي هو محتاج إليه كان فقيرا بالإضافة إليه، والفقر بهذا المعنى هو الذي نريد بيانه هنا.
فصل اختلاف أحوال الفقراء (الفقير) إما أن يكون راغبا في المال محبا له، بحيث لو وجد إليه سبيلا لطلبه، ولو بالتعب والمشقة، وإنما ترك طلبه لعجزه منه، ويسمى هذا فقيرا (حريصا).