تتميم زكاة الأبدان إعلم أنه كما في المال زكاة فكذلك للبدن زكاة، وهو نقصه ليزيد الخير والبركة لصاحبه. وهذا النقص إما أن يكون اختيارا، بأن يصرف في الطاعة ويمنع عن المعصية، أو اضطرارا، بأن يصاب بمرض وآفة. قال رسول الله - صلى الله عليه وآله - يوما لأصحابه: " ملعون كل مال لا يزكى، ملعون كل جسد لا يزكى، ولو في كل أربعين يوما مرة. قيل له: يا رسول الله، أما زكاة المال فقد عرفناها، فما زكاة الأجساد؟ قال (ص): أن يصاب بآفة ". فتغيرت وجوه الذين سمعوا منه ذلك، فلما رآهم قد تغيرت ألوانهم، قال: " هل تدرون ما عنيت بقولي؟ فقالوا: لا يا رسول الله! قال: إن الرجل يخدش الخدشة، وينكب النكبة، ويعثر العثرة، ويمرض المرضة، ويشاك الشوكة، وما أشبه هذا... "، حتى ذكر في حديثه اختلاج العين. وقال (ص): " لكل شئ زكاة، وزكاة الأبدان الصيام ".
وقال الصادق (ع): " على كل جزء من أجزائك زكاة واجبة لله عز وجل بل على كل منبت شعر من شعرك، بل على كل لحظة من لحاظك زكاة.
فزكاة العين: النظرة بالعبرة (10) والغض عن الشهوات وما يضاهيها. وزكاة الأذن: استماع العلم والحكمة والقرآن، وفوائد الدين من الموعظة والنصيحة وما فيه نجاتك، وبالإعراض عما هو ضده من الكذب والغيبة وأشباههما.
وزكاة اللسان: النصح للمسلمين، والتيقظ للغافلين، وكثرة التسبيح والذكر وغيرها. وزكاة اليد: البذل والعطاء والسحاء بما أنعم الله عليك به، وتحريكها بكتابة العلم ومنافع ينتفع بها المسلمون في طاعة الله تعالى، والقبض عن الشر وزكاة الرجل: السعي في حقوق الله، من زيارة الصالحين، ومجالس الذكر، وإصلاح الناس، وصلة الأرحام، والجهاد، وما فيه صلاح قلبك وسلامة دينك " (11).