أكثر من شئ عرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه ". وخاطب عارف نفسه وقال: " أتضحك ولعل أكفانك قد خرجت من عند القصار؟! " وقال رجل لأخيه: " يا أخي، هل أتاك أنك وارد النار؟ قال: نعم! قال:
وهل أتاك أنك خارج منها؟ فقال: لا، قال: ففيم الضحك؟ فما رئي بعد ذلك ضاحكا حتى مات ". ونظر بعضهم إلى قوم يضحكون في يوم الفطر، فقال: " إن كان هؤلاء قد غفر لهم فما هذا فعل الشاكرين، وإن كان لم يغفر لهم فما هذا فعل الخائفين ".
ثم المذموم من الضحك هو القهقهة، والتبسم الذي ينكشف فيه السن ولا يسمع الصوت ليس مذموما، بل محمود لفعل النبي (ص) (17).
تذنيب المذموم من المزاح الحق أن المذموم من المزاح هو الإفراط فيه والمداومة عليه، أو ما يؤدي إلى الكذب والغيبة وأمثالهما، ويخرج صاحبه عن الحق. وأما القليل الذي يوجب انبساط خاطر وطيبة قلب، ولا يتضمن إيذاءا ولا كذبا ولا باطلا، فليس مذموما، لقول رسول الله (ص): " إني لأمزح ولا أقول إلا حقا ". ولما روي: " أنهم قالوا له (ص): يا رسول الله، إنك تداعبنا! فقال: إني وإن داعبتكم، فلا أقول إلا حقا ". ولما روت العامة:
" أنه (ص) كان كثير التبسم، وكان أفكه الناس ". وورد: " أن رسول الله (ص) كسا ذات يوم واحدة من نسائه ثوبا واسعا، وقال لها:
البسيه واحمدي، وجري منه ذيلا كذيل العروس ". وقال (ص):
" لا تدخل الجنة عجوز. فبكت العجوز. فقال: إنك لست يومئذ بعجوز " وجاءت امرأة إليه، وقالت: " إن زوجي يدعوك. فقال (ص): زوجك هو الذي بعينه بياض؟ قالت: والله ما بعينه بياض! فقال: بلى، إن