اللحم أربعين يوما ساء خلقه، ومن داوم عليه أربعين يوما قسى قلبه ".
الاعتدال في الشهوة والاعتدال أن يكتفي في اليوم بليلته بأكلة واحدة في وقت السحر، بعد الفراغ عن التهجد أو بعد صلاة العشاء، أو بأكلتين: التغدي والتعشي - إن لم يقدر على الاكتفاء بمرة واحدة - وقد استفاضت أخبار أئمتنا الراشدين - عليهم السلام - بالحث على التعشي.
ثم للعرفاء ترغيبات على الجوع وتصريحات على كثرة فوائده، وعلى توقف كشف الأسرار الإلهية والوصول إلى المراتب العظيمة عليه، ولهم حكايات في إمكان الصبر عليه، وعلى عدم الأكل شهرا أو شهرين أو سنة، ونقلوا حصوله عن بعضهم، وهذا أمر وراء ما وردت به السنة وكلفت به عموم الأمة، فإن كان ممدوحا فإنما هو لقوم مخصوصين.
وأما الجماع، فالاعتدال فيه أن يقتصر فيه على ما لا ينقطع عنه النسل، ويحصل له التحصن، وتزول به خطرات الشهوة، ولا يؤدي إلى ضعف البدن والقوى.
وأما غير الجنسين من الأنواع والنتائج والآثار المتعلقة بالقوة الشهوية - وإن كان بعضها أعم من الجنسين أو مساويا لهما -:
فمنها:
حب الدنيا إعلم أن للدنيا ماهية في نفسها وماهية في حق العبد، أما ماهية الدنيا وحقيقتها في نفسها، فعبارة عن أعيان موجودة: هي الأرض وما عليها، والأرض هي العقار والضياع وأمثالهما، وما عليها تجمعه المعادن والنبات والحيوان، والمعادن تطلب لكونها إما من الآلات والزينة كالنحاس والرصاص والجواهر وأمثالها، أو من النقود كالذهب والفضة، والنبات يطلب لكونه من الأقوات أو الأدوية، والحيوانات تطلب إما لملكية أبدانها واستخدامها كالعبيد والغلمان أو لملكية قلوبها وتسخيرها ليترتب عليه التعظيم والاكرام وهو الجاه، أو للتمتع والتلذذ بها كالجواري والنسوان، أو للقوة والاعتضاد كالأولاد. هذه هي الأعيان المعبر عنها بالدنيا، وقد جمعها الله سبحانه في قوله: