وصل ستر العيوب ضد كشف العيوب سترها وإخفاؤها، وهو من أعظم شعب النصيحة، ولا حد لثوابه، كما يستفاد من الأخبار الكثيرة. قال رسول الله (ص):
" من ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة ". وقال (ص): " لا يستر عبد عيب عبد إلا ستره الله يوم القيامة ". وقال (ص): " لا يرى امرؤ من أخيه عورة فيسترها عليه، إلا دخل الجنة ". وكفى بستر العيوب فضلا أنه من أوصاف الله سبحانه، ومن شدة اعتنائه بستر الفواحش أناط ثبوت الزنا - وهو أفحشها - بما لا يمكن اتفاقه إلا نادرا، وهو مشاهدة أربعة عدول كالميل في المكحلة. فانظر إلى أنه تعالى كيف أسبل الستر على العصاة من خلقه في الدنيا، بتضييق الطرق المؤدية إلى كشفه. ولا تظنن أنك تحرم هذا الستر يوم تبلى السرائر، فقد ورد في الحديث: " إن الله تعالى إذا ستر على عبد عورته في الدنيا فهو أكرم من أن يكشفها في الآخرة، وإن كشفها في الدنيا فهو أكرم من أن يكشفها أخرى ". وورد أيضا: " إنه يؤتى يوم القيامة بعبد يبكي، فيقول الله سبحانه له: لم تبكي؟ فيقول: أبكي على ما سينكشف عني من عوراتي وعيوبي عند الناس والملائكة. فيقول الله: عبدي ما افتضحتك في الدنيا بكشف عيوبك وفواحشك، وأنت تعصيني وتضحك! فكيف أفضحك اليوم بكشفها وأنت تعصيني وتبكي! ". وفي خبر آخر: " إن رسول الله (ص) يطلب يوم القيامة من الله سبحانه ألا يحاسب أمته بحضرة من الملائكة والرسل وسائر الأمم، لئلا تظهر عيوبهم عندهم، بل يحاسبهم بحيث لا يطلع على معاصيهم غيره سبحانه، وسواه (ص) فيقول الله سبحانه: يا حبيبي، أنا أرأف بعبادي منك، فإذا كرهت كشف عيوبهم عند غيرك، فأنا أكره كشفها عندك أيضا، فأحاسبهم وحدي بحيث لا يطلع على عثراتهم غيري ".
فإذا كانت عناية الله سبحانه في ستر عيوب العباد بهذه المثابة، فأنى لك أيها المسكين المبتلى بأنواع العيوب والمعاصي، تسعى في كشف عيوب عباد الله، مع إنك مثلهم في الاتصاف بأنواع العيوب والعثرات! وتأمل أنه ج: 2