فهو ناقص. فالاتصاف بها لازم على كل مؤمن. وربما ظن بعض الناس اتصافه بها، مع كونه فاقدا لها. فمن ظن ذلك من نفسه، فلا بد أن يمتحن نفسه بعلاماتها، حتى يظهر له صدق ظنه وكذبه، وعلاماته: ألا يكون سعيه ونشاطه في قضاء حوائج المادح أكثر منهما في قضاء حوائج الذام، وألا يتفاوت همه وحزنه لأجل موتهما وابتلائهما بمصيبة، وألا تكون ذلة المادح أخف في قلبه وعينه من ذلة الذام، وألا يكون جلوس الذام عنده أثقل ولا قيامه أهون من جلوس المادح وقيامه. وبالجملة: أن يستويا عنده من كل وجه. فمن وجد نفسه استواءهما في جميع الجهات، فهو ممن يتساوى عنده المدح والذم.
ومنها:
الرياء وهو طلب المنزلة في قلوب الناس بخصال الخير أو ما يدل عليها من الآثار. فهو من أصناف الجاه، إذ هو طلب المنزلة في القلوب بأي عمل اتفق، والرياء طلب المنزلة بأدائه خصال الخير أو ما يدل على الخير. ثم خصال الخير يشمل أعمال البر بأسرها، وهي أعم من العادات إن خصت العبادة بمثل الصلاة والصوم والحج والصدقة وأمثال ذلك ومساوقة لها إن أريد بالعبادة كل فعل يقصد به التقرب ويترتب عليه الثواب. إذ على هذا كل عمل من أعمال الخير، سواء كان من الواجبات أو المندوبات أو المباحات في الأصل إذا قصد به القربة كان طاعة وعبادة، وإن لم يقصد به ذلك لم يكن عبادة ولا عمل خير، ولو كان مثل الصلاة. وربما خص الرياء عادة بطلب المنزلة في القلوب بالعبادة بالمعنى الأخص.
والمراد بالآثار الدالة على الخيرية هي كل فعل ليس في ذاته بر أو خيرا، وإنما يستدل به على الخيرية.
وهي إما متعلقة بالبدن، كإظهار النحول والصفار ليستدل بهما على قلة الأكل أو الصوم وسهر الليل، ويوهم بذلك شدة الاجتهاد وعظم الحزن على أمر الدين وغلبة الخوف من الله ومن أهوال الآخرة، وكخفض الصوت ليستدل به على أن وقار الشرع قد خفض صوته... وقس عليها غيرها من