والتجربة والأخبار شاهدان على أن كل من شمت بمسلم في مصيبة لم يخرج من الدنيا حتى يبتلى بمثلها ويشمت به غيره فيها. قال الصادق عليه السلام " لا تبدي الشماتة لأخيك، فيرحمه الله ويحلها بك ". وقال عليه السلام:
" من شمت بمصيبة نزلت بأخيه لم يخرج من الدنيا حتى يفتتن " (9).
على أن كل بلية ومصيبة ترد على مسلم يمكن أن تكون كفارة لذنوبه أو باعثا لرفع درجاته واعتلاء مرتبته في دار الآخرة.
والدليل على ذلك: أن أعظم البلايا والمصائب موكلة بالأنبياء، ثم بالأولياء، ثم بالأمثل فالأمثل في درجات الاعتلاء. ولا ريب في أن ورود المصائب والمحن عليهم ليس من سوء فعلهم وإساءتهم. فينبغي لكل عاقل أن يتأمل (أولا) أن الشماتة بمسلم بمصيبة لا ينفك في الدنيا من ابتلائه بمثلها، (وثانيا) إنها إيذاء لأخيه المسلم، فلا ينفك عن العذاب في الآخرة (وثالثا) إن نزول هذه المصيبة به لا يدل على سوء حاله عند الله، بل الأرجح دلالته على حسن حاله وتقربه عند الله سبحانه. فليحافظ على نفسه عن إبداء الشماتة لأحد من المسلمين، ويخوف من يراه من الشامتين عن عقوبة العاجل وعذاب الآجل.
ومنها:
المراء والجدال والخصومة إعلم أن المراء طعن في كلام الغير لإظهار خلل فيه، من غير غرض سوى تحقيره وإهانته، وإظهار تفوقه وكياسته. والجدال مراء يتعلق بإظهار المسائل الاعتقادية وتقريرها. والخصومة لجاج في الكلام لاستيفاء مال أو حق مقصود، وهذه تكون تارة ابتداءا وتارة اعتراضا، والمراء لا يكون إلا اعتراضا على كلام سبق، فالمراء داخل تحت الإيذاء، ويكون ناشئا من العداوة أو الحسد. وأما الجدال والخصومة، فربما صدرا من أحدهما أيضا، وربما لم يصدرا منه.
وحينئذ، فالجدال إن كان بالحق - أي تعلق بإثبات إحدى العقائد