فإنكاره (ص) لأجل كراهية صوم الدهر لا لإظهاره. وقول ابن مسعود لو ثبت لا حجية فيه.
ولو عقد العمل على الإخلاص، وورد في أثنائه وارد السرور بأطلاع بعض الناس عليه، فإن لم يكن باعثا على العمل ومؤثرا فيه بحيث لو لم يحدث لأتم العمل على الإخلاص من غير فتور، وكان أيضا لأحد المقاصد الصحيحة المتقدمة، فلا بطلان ولا إثم، لما تقدم من الأخبار. وإن لم يكن باعثا ولكن لم يكن لشئ من المقاصد المذكورة، بل كان لظنه نيل الجاه أو المال بالظهور، فالحق بطلان العمل وكونه آثما للعمومات السالفة. وإن كان باعثا ومؤثرا فهو الرياء المحرم، سواء كان غالبا على قصد التقرب أو مساويا له أو مغلوبا عنه، فيحبط العمل وعليه الإعادة لو كان فريضة، لما تقدم من العمومات، ولقوله (ص): " العمل كالوعاء، إذا طاب آخره طاب أوله ". وقوله (ص): " من راءى بعمله ساعة، حبط عمله الذي كان قبله ". ثم هذا في العمل المركب الذي له أجزاء، ويتوقف صحته على صحة كل واحد منها، كالصوم والصلاة والحج. وأما العمل الذي كل جزء منه منفرد، كالصدقة والقراءة، فما يطرأ من الرياء في أثنائه إنما يفسد الباقي دون الماضي فطرؤه فيه في الأثناء بالنسبة إلى الماضي كطروئه بعد الفراغ في الأول. وهذا حكم الرياء الطاري بعد عقد الطاعة على الإخلاص أو قبله، سواء لم يرجع عنه حتى يتمها، أو ندم بعده في الأثناء أيضا ورجع واستغفر وأما المقارن حال العقد، بأن يبتدي بالصلاة مثلا على قصد الرياء، فإن أتمها عليه فلا خلاف في كونه آثما وعدم الاعتداد بها. وإن ندم عليه في الأثناء ورجع واستغفر، فإن مجرد القصد إلى الغير الباعث إلى اطلاع الناس لبعض المقاصد المتقدمة وارتياحه به فلا بأس به ولا يحبط العمل، وإن كان غير ذلك أفسده، سواء في ذلك جميع شقوقه المتقدمة، كما علم وجهه.
فائدة شوائب الرياء مبطلة للعمل لما كان المناط في الأعمال، صحة وفسادا، هو القصد والنية، إذ